للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الثاني: رؤية بعيدة مضى عليها زمنًا يمكن أن يحصل فيه تغييرًا، فلو رأيت حيوانًا مثلًا منذ شهرين، فاحتمال وقوع التغيير فيه وارد.

إذن المبيع كما ذكر المؤلف، إمَّا مشاهد مرئي في الحال، أو مرئي قبل فترة، أو غائب غير مرئي، وهذا الغائب، إمَّا أنَّه يَتعذر الوصل إليه، أو لا يتعذر.

ويأتي هنا الكلام عن الغائب: هل هذا الغائب لو وُصف للمشتري يكون ذلك الوصف كافيًا؟، أي مثلًا: لو أنَّ إنسانًا له سيارة، أو عنده جملٍ، أو دار غائبة يريد أن يبيعها لإنسان، فيعطيه أوصافها، أوصافًا دقيقة، هل إذا وجد تلكم الأوصاف على غير تلكم الصفة التي نعتها له البائع له الخيار أن يردها. أو لا؟، وهل يجوز أن يبيعَ بيعًا دون رؤية، ودونا وصف؟

كل ذلك تكلم فيه العلماء، وفصَّلوا الأقوال فيه، والمؤلف بحمد الله أوجزه، فنقف عند إيجازه، ونضيف بعض البيان إن شاءَ اللهُ تَعالى.

قوله: (فَقَالَ قَوْمٌ: بَيْعُ الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، لَا مَا وُصِفَ وَلَا مَا لَمْ يُوصَفْ، وَهَذَا أَشْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ - رحمه الله -، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ، أَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ لَا يَجُوزُ).

وهو كما ذكر المؤلف، لأنَّ أشد الأئمة الأربعة في ذلك هو الإمام الشافعي: فهو يرى أنَّ المبيعَ الغائب لا يجوز، حتىى إن وُصف ونُعت وكان الوَصف دَقيقًا (١)، وله رأي آخر: يرى فيه جواز ذلك مع الوصف (٢)،


(١) يُنظر: "تحفة المحتاج"؛ للهيتمي (٤/ ٢٦٣)، حيث قال: "والأظهرُ أنَّه لا يصح بيع الغائب الثمن، أو المثمن بأن لم يره أحد العاقدين، وإن كان حاضرًا في مجلس البيع، وبالغا في وصفه، أو سمعه بطريق التواتر".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج"؛ للخطيب الشربيني (٢/ ٣٥٧)، حيث قال: "والقول الثاني: يصح بيع الغائب إذا وصف بذكر جنسه، ونوعه، اعتمادًا على الوصف، فيقول: بعتك عبدي التركي، أو فرسي العربي، أو نحو ذلك، وهذا لا بد منه على هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>