للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوصافه الدقيقة، وإذا كان عنده صنعةً يُشير إلى صنعته، فهذا يعتبرونه موصوفًا وصفًا دقيقًا.

وقد يقول أحدهم مثلًا عندي مملوك رومي هنا، فقد وصفه بأنَّه رومي، لكن لم يبين أوصافه التي يتميز بها، فيكون الوصف ناقصًا حينها.

إذن الوصف المراد ليس على إطلاقه، فقد يكون دقيقًا يعطي تصورًا كاملًا، وكأنَّ الإنسان يشاهده، بحيث لو أنَّ إنسانًا وصف لإنسانٍ دارًا، أو وصف له سلعةً من السلع، فإذا شاهدها وجد أنَّ تلكم الأوصاف هي التي ذُكرت له، فكأنَّه رآها رؤية سابقة، وربما لا يستطيع الواصف أن يصف وصفًا كاملًا، أو يتعمد فَيُدَلس عليه بعض الأمور، فإذا شاهد وجد أنَّ الصورة تختلف. فهل له خيار الرؤية؟ (١).

• قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ مِنْ غَيْرِ صِفَةٍ، ثُمَّ لَهُ إِذَا رَآهَا الْخِيَار، فَإِنْ شَاءَ أَنْفَذَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ).

أي: من غير وصف، لكن له شرط وهو الخيار (٢)، وهي أيضًا رواية للإمام أحمد (٣)، وقول للمالكية (٤)، وسبب تعدد الأقوال في المذاهب هو


(١) أي: إذا أتى به على خلاف الوصف، وإن وجده على ما وصف له، أو أعلى منها.
فهل يثبت له خيار الرؤية؟ فيها قولان:
القول الأول: لا خيار له، وهو قول الحنفية، ووجه لدى الشافعية.
انظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" (٣٤٣)، و"المجموع" (٩/ ٣٤٩).
القول الثاني: يثبت له الخيار؛ وهو قول المالكية، وهو المنصوص لدى الشافعية، وهو قول الحنابلة.
"حاشية الدسوقي" (٣/ ٢٦)، و"روضة الطالبين" (٣٧٧٣)، و"كشاف القناع" (٣/ ٣٣٧ و ٣٣٩).
(٢) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ٨١)، حيث قال: "ومن اشترى شيئًا لم يره، فالبيع جائز، وله الخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء ردَّه".
(٣) يُنظر: "مطالب أولي النُّهى"؛ للرحيباني (٣/ ٢٦)، حيث قال: "لا يصح بيع الغائب؛ لأنَّه لم يره، ولم يوصف له"، فمن شروط البيع عند الحنابلة المعرفة للمبيع؛ لأنَّ الجهالة به غرر، وهو المذهب عندهم.
(٤) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي" (٣/ ٢٥ - ٢٦)، حيث قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>