للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وفَّى المؤلف رَحِمَهُ اللهُ هذا البحث حقه، واختلف العلماء في هذه المسألة على عدة أقوال، سيأتي تفصيلها.

* قوله: (فَقَوْمٌ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا طُهْرًا وَاحِدًا فَقَطْ، وَذَلِكَ عِنْدَمَا تَرَى أَنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا بِإِحْدَى تِلْكَ العَلَامَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَلَى حَسَبِ مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ فِي تِلْكَ العَلَامَاتِ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا طُهْرًا وَاحِدًا انْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ، فَقَوْمٌ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَقَوْمٌ اسْتَحَبُّوا ذَلِكَ لَهَا، وَلَمْ يُوجِبُوهُ عَلَيْهَا، وَالَّذِينَ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا طُهْرًا وَاحِدًا فَقَطْ هُمْ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُمْ، وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ، وَاَكْثَرُ هَؤُلَاءِ أَوْجَبُوا عَلَيْهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهَا إِلَّا اسْتحْبَابًا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ).

هَذَا هُوَ القول الأوَّل: أنَّ المستحاضة تغتسل غسلًا واحدًا إذا انقضت حيضتها، فقوله هنا: " طهرًا "، يعني: غسلًا، وهو قول الجمهور (١)،


= الطاهر، وإذا كان كذلك، جاز وطؤها؛ لأن الصلاة والصوم لا يجبان إلا على الطاهر من الحيض، والله أعلم ". " الأوسط " لابن المنذر (٢/ ٣٤٥).
(١) مذهب الأحناف، يُنظر: " كنز الدقائق " لأبي البركات النسفي (١٥٠)، قال: " وتتوضأ المستحاضة، ومَنْ به سلس البول، أو استطلاق بطن، أو انفلات ريح، أو رعاف دائم، أو جرح لا يرقأ لوقت كل فرض، ويصلون به فرضًا ونفلًا، ويبطل بخروجه فقط ".
مذهب المالكية، يُنظر: " حاشية الدسوقي " (١/ ١٣٠) قال: " (قوله: وندب الغسل لانقطاعه)، أي: عند انقطاعه لأجل النظافة، وتطييبًا للنفس كما يندب غسل المعفوات إذا تفاحشت لذلك، والاستحاضة دم من جملتها، وأمَّا قَوْل بعضهم لاحتمال أَنْ يكون خالط الاستحاضة حيضٌ وهي لا تشعر، ففيه نظر؛ لأنه يَقْتضي وجوب الغسل لا ندبه؛ لوجود الشك في الجنابة إلا أن يُقَال: إنَّ هذا احتمال ضعيف لم يصل للشَّكِّ على أن الاحتمال المذكور لا يَتأتَّى إلا إذا تَمادَى بها الدم أزيد من خمسة عشر يومًا بعد أيام عادتها، ولا يتأتَّى إذا زاد على أكثر الحيض قبل طهرٍ فاصلٍ ".
مذهب الشافعية، يُنظر: " المجموع " للنووي (٢/ ٥٣٥)، قال: " مذهبنا أن طهارة =

<<  <  ج: ص:  >  >>