للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم انتفع به من جاء بعدهم، وهو خدمة لما جاء في كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فرحمهم الله تعالى جميعًا، ورضي عنهم.

• قوله: (وَمِنْ هَذَا الْبَابِ بَيْعُ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ، وَالْبَاقِلَّا فِي قِشْرِهِ).

والجوز واللوز مكسو بقشرته، ومثلهما أنواع البقلاء فهي مغيبة، والسؤال لماذا منع بعض العلماء ما مر بنا، وهنا أجاز؟ فبعض الذين منعوا الغائب في الأرض أجازوا بيع اللوز والجوز والبقلاء، ونحوها من الخضروات التي تجدها مغيبة في قشورها؟ مثل الفاصوليا، ونحوها.

• قوله: (أَجَازَهُ مَالِكٌ (١)، وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ).

قد أجازه مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، وهنا نرى أنَّ الإمامين أبا حنيفة وأحمد كانا مع الشافعي في المسألة الأولى، وهي أنَّه لا يجوز بيع المغطى المغيب إلا أن يقلع، بينما هنا نجد أنَهما سارا مع الإمام مالك في هذه المسألة، والفرق في ذلك واضحٌ لأنَّ التغطية هنا إنَّما جاءت في أصل الخلقة؛ فاللوز أصله يأتي مغطى بقشوره، ومثله الجوز، والبقلاء بأنواعها.

وقد انفرد الشافعي في هذه المسألة بناءً على أصله الذي مر في موضع قريب؛ عندما منع بيع الحب في سنبله، ثم فصلنا مذهب الشافعي، وقلنا إنَّ مذهب الشافعي فيه تفصيل، فمثلًا الشعير والذرة يجيزها؛ لأنَّ الحبيبات تُرى في داخل السنبلة، أمَّا بالنسبة للحنطة فيمنعها؛ لأنه يَرى أنَّها تعلوها قشور، ولا يضمن ما في داخل هذا القشر؛ فلا تباع حتى يُزال القشر بالدياس، أو نحوه، فإذا فركت، أو صفيت، فحينئذ يجوز.

وقد سار على أصله السابق هنا أيضًا، ويُعترض على الإمام الشافعي


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي" (٣/ ١٧٦)، حيث قال: "بأكمامه فإن استتر بها كقلب جوز ولوز في قشره، وكقمح في سنبله، وبزر كتان في جوزه: لم يصح جزافًا؛ لأنَّه غير مرئي، ويصح كيلًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>