للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنَعَ ذَلِكَ غَيْر فِي الْكُلِّ فِيمَا أَحْسَبُ، لِلْجَهْلِ بِمَبْلَغِ الثَّمَنِ).

فهذا لا يجوز عند مالك وحده، بل يجوز عند مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو حنيفة، وقد وهم المؤلف أيضًا في حكاية مذهب أبي حنيفة، وهو - أي: أبو حنيفة - مع جمهور الأئمة، يعني أنَّ هذا رأي الأئمة الأربعة فيما أعلم.

* قولُهُ: (وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَصْدُقَ الْمُشْتَرِي البَائِعَ فِي كَيْلِهَا، إِذَا لَمْ يَكُنِ الْبَيْعُ نَسِيئَةً (١)؛ لأنَّه يَتَّهِمُهُ أَنْ يَكُونَ صَدَقَه لِيُنْظِرَهُ بِالثَّمَنِ).

وهذه الإشارات مما يعجبني عند المؤلف، والتي يكون ظاهرها أنَّها بسيطة، لكنها ليست كذلك.

فقوله: (وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَصْدُقَ الْمُشْتَرِي البَائِعَ)، أي: إذا جاء المشتري إلى البائع فقال: هذه الصبرة - مثلًا - وزنها كذا، وكيلها كذا، فعند مالك يصدقه شريطة ألَّا تكن ناسيًا، لأنَّه عندما يقول البائع للمشتري هذه الصبرة وزنها كذا، أو كيلها كذا فسيوافق، والمشتري هنا ليس متهمًا؛ لأنَّه إن حصل ضرر سيكون على نفسه، لكن عندما يشتريه نسيئة ربما يكون حصل تواطؤ مع البائع، لأنَّه سيؤجل له الثمن، - فكما نقول: نزل رأسه لك وطأطئه لأنَّه يعلم أنَّه سيبيع البيع مُؤجلًا - إذًا التهمة هنا حاصلة، ولا تحصل في الأولى، ففرَّق مالكٌ بين ذلك.

وهذا هو مذهب أحمد أيضًا، وهذا إن دَلَّ فإنَّه يدل على دقة الفقهاء رحمهم الله في مثل هذه الأمور، فلا نظن أنَّه لما يقول أحدهم بقول؛ أنَّه يقول ذلك جُزافًا، إنَّما يقول ذلك عن دراية، وروية، وبُعد


= أي: البيع - في الكل في بيع ثلة) - قطيع الغنم - (وثوب كل شاة، أو ذراع) لف ونشر (بكذا) … (وكذا) الحكم (في كل معدود متفاوت) كإبل، وعبيد … ".
(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي" (٣/ ٢٢)، حيث قال: " (فإن علم أحدهما) بعد العقد (بعلم الآخر) حين العقد (بقدره) أي المبيع جُزافًا (خير) الجاهل".

<<  <  ج: ص:  >  >>