للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظر، وتدقيق في المسائل، فقد فرَّقوا في هذه المسألة بين الأمرين، لأنَّه عندما يقول البائع للمشتري هذه الصبرة - أو هذه الكومة - من الحنطة كيلها كذا تساوي مثلًا مائة صاع، فيصدقه ولا يبالي هذا إذا كان البيع نقدًا، لكن لو كان نسيئةً، قالوا: لا يصدُقه، ولا بُدَّ من كيلها؛ لأنّ الشبهة قائمة، والشبهة هي خشية أن يكون المشتري سكت عن ذلك، لأنَّه يخشى أن لو عارض البائع في ذلك، وشكك في الأمر، لأبطل البيعة، وذهبت عنه.

* قولُهُ: (وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى يَكْتَالَهَا الْمُشْتَرِي؛ لِنَهْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى تَجْرِيَ فِيهِ الصِّيعَان، وَأَجَازَهُ قَوْمٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمِمَّنْ مَنَعَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢)، وَأَحْمَدُ (٣)، وَمِمَّنْ أَجَازَهُ بِإِطْلَاقٍ: عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ (٤).

أمَّا أحمد فسبق وذكرنا أن مذهبه كمذهب مالك.


(١) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٥/ ١٤٩) حيث قال: "عن أبي حنيفة قال: إذا اشتريت شيئا مما يكال أو يوزن أو يعد، فاشتريت ما يكال كيلًا وما يوزن وزنًا وما يعد عدا فلا تبعه حتى تكيله وتزنه وتعده، فإن بعته قبل أن تفعل وقد قبضته فالبيع فاسد في الكيل والوزن".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٤٧٠، ٤٧١) حيث قال: "فلو قبض ما ذكر جزافًا لم يصح القبض، لكن يدخل المقبوض في ضمانه (ولو كان له) أي لبكر (طعام) مثلًا (مقدر) كعشرة آصع (على زيد، ولعمرو عليه مثله فليكتل) بكر (لنفسه) من زيد (ثم يكيل لعمرو)؛ لأن الإقباض هنا متعدد ومن شرط صحته الكيل فلزم تعدد الكيل".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢٣٨٣) حيث قال: "في قبض البيع (ويحصل قبض ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع بذلك) أي: بالكيل أو الوزن أو العد أو الذرع".
(٤) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١٠/ ١٥٢) حيث قال: "وقالت طائفة: له أن يبيعه بكيله، ولم يفرقوا بين النقد والدين. هذا قول عطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن أبي مليكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>