للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الكلام مر بنا أثناء حديثنا عن القبر، فذكرنا أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث الصحيح: "إذا بعت فَكِل، وإذا ابتعت فاكتل"، يعني إذا بعت لغيرك فكِل، وعلى المشتري إذا ابتاع من غيره أن يطلب من البائع أن يكيل له البضاعة، وهذا أمر مطلوب، ولا ينبغي أن يمنع الإنسان شيء من الحقِّ الذي شرعه الله سبحانه وتعالى، وسنَّهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البيع حتى يجري فيه الصاعان؛ صاع البائع، وصاع المشتري، وهذا هو نص الحديث: "حتى يجري فيه الصاعان"، ومما يؤكد ذلك أنَّه جاء تفسيره في الحديث، ففيه: "حتى يجري فيه الصاعان؛ صاع البائع وصاع المشتري"، ويفسره حديث: "إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل"، وهذا ليس معناه أن البائع له صاع، والمشتري له صاع، فالصاع مكيل معروف قدره، لكن المقصود أن يكيل هذا، والآخر يُكال له، حتى يجري فيه الصاعان.

وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه، والدارقطني (١)، وقد ضعَّف بعضهم إسناده لوجود ابن أبي ليلى - وهو من التابعين - في سنده، لكن الحديث روي من عدة طرق، وهو من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (٢)، وغيره، فهو إذن حديثٌ حسنٌ صالحٌ للاحتجاجِ به.

فهو إذن حجةٌ لمن قال بذلك، والحديث الذي أورده المؤلف ليس بنصٍّ؛ لأنَّ لفظ: "الصيعان" ليس حجة في المسألة، وأمَّا لفظ: "الصاعان" كما ورد في الحديث الذي ذكرناه فيه حجة، ويؤيده الحديث الآخر الصحيح الذي ذكرنا.


(١) "سنن ابن ماجه" (٢٢٢٨)، و"سنن الدارقطني" (٣/ ٨)، من حديث جابر - رضي الله عنه -، وحسنه الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" (٢٢٢٨).
(٢) أخرجه البزار في "مسنده" (١٧/ ٣١٣)، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع الصغير" (٦٩٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>