للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَفٍ" (١)، اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أنَّه مِنَ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ (٢)).

النهي عن بيع وسلف؛ كأن يقول البائع: أبيعك هذه السيارة على أن تسلفني مبلغ كذا وكذا، أو أبيعك هذه الدار على أن تقرضني مبلغ كذا وكذا، يعني أنَّ البيع هنا جر منفعة، كما نقول: قرض جر منفعة.

فهذا البيع وضع فيه شرط، وقد أجمع العلماء، واتفق الفقهاء بأنَّه لا يجوز، لورود نص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، والملاحظ أنَّه في المسائل التي تأتي فيها نصوص صحيحة صريحة نجد الإجماع أحيانًا كثيرة، وإن وقع خلافًا فلا نراه متشعبًا، كما نرى في المسائل الفرعية الجزئية التي لا تقوم على دليل، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل سلف وبيع" (٣)، فهذه المسألة فيها نص، ومعنى لا يحل: أي يحرم، وفي بعض الروايات: "نهى


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١١/ ٢٠٣ رقم ٦٦٢٨)، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (٥/ ٢٣٤).
(٢) يُنظر: "فتح القدير"؛ للكمال بن الهمام (٦/ ٤٤٦)، حيث قال: "وكذلك لو باع عبدًا على أن يستخدمه البائع شهرًا، أو دارًا على أن يسكنها، أو على أن يقرضه المشتري درهمًا، أو على أن يهدي له هدية؛ لأنَّه شرط لا يقتضيه العقد، وفيه منفعة لأحد المتعاقدين"، و"الشرح الكبير للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي" (٣/ ٧٦)، و (٣/ ٦٦ - ٦٧)، حيث قال: "ومنع عند مالك ومن تبعه للتهمة، أي: لأجل ظن قصد ما منع شرعًا سدًّا للذريعة (ما) أي بيع جائز في الظاهر (كثر قصده) أي: قصد الناس له للتوصل إلى الربا الممنوع، وذلك (كبيع وسلف) أي: كبيع جائز في الظاهر يؤدي إلى بيع وسلف، فإنَّه يمنع للتهمة على أنّهما قصد البيع والسلف الممنوع".
و"تحفة المحتاج"، للهيتمي (٤/ ٢٩٥)، حيث قال: "وعن بيع وشرط، كبيع بشرط بيع، كما مر، أو بيع لدار مثلًا بألف بشرط قرض مائة"، و"شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٣/ ١٧٤، ١٧٥)، حيث قال: "وفاسده" أي الشرط الفاسد ثلاثة أنواع؛ أحدها: مبطل للعقد من أصله؛ كشرط بيع آخر، كبعتك هذه الدار على أن تبيعني هذه الفرس، أو شرط سلف؛ كبعتك عبدي على أن تسلفني كذا … ".
(٣) أخرجه الترمذي (١٢٣٤)، وغيره، وصحَّحَه. قال الألباني: (حسن صحيح). يُنظر: "صحيح وضعيف سنن الترمذي" (٣/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>