للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا إِذَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَكِيلَة مِنْ حَائِطٍ) (١).

والمكيلة يعني صاعًا، ومثال المسألة إذا قال البائع: أبيعك هذا الحائط إلَّا صاعًا.

وهذه المسألة فيها دليل على دقة الفقهاء رحمهم الله، قد يسأل سائل فيقول: ما الفرق بين هذه المسألة والتي سبق وذكرناها، فهناك استثنى عشر نخلات، فقالوا: يجوز، وهنا حائط معلوم استثنى منه صاعًا واحدًا، أو عشرة أصواع، فيقولون: لا يجوز، والعلة هنا لم يُبيِّنها المؤلف، وسنبينها بإذن الله تعالى.

* قولُهُ: (قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (٢): فَمَنَعَ ذَلِكَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ الْفَتْوَى عَلَيْهِمْ، وَأَلَّفْتُ الْكِتَابَ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ، لِنَهْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الثُّنْيَا فِي الْبَيْعِ، لأنَّه اسْتِثْنَاءُ مَكِيلٍ مِنْ جُزَافٍ).

قولُهُ: (فقهاء الأمصار الذين تدور الفتوى عليهم): هم الذين عرفوا بكثرة فتواهم، وتخريجهم للمسائل، هاثبات علل الأحكام، كالأئمة المعروفين، وإن كان سيستثني واحدًا منهم.

قولُهُ: (وألَّفتُ الكِتاب) أو: (وأُلِّفت الكُتُب … )، فإذا كانت الكلمة


(١) يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٦٠٥) حيث قال: "كما صح استثناء الكيلي والوزني والمعدود الذي لا تتفاوت آحاده".
ويُنظر: "المجموع" للنووي (١١/ ٤٤٦) حيث قال: "أن يكون الاستثناء مجهولًا والمبيع معلومًا كقوله بعتك من هذه الثمرة مائة صاع والباقي لي فإن علما أن فيها مائة صاع فصاعدًا صح إن أمكن كيل الثمرة".
ويُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٧/ ٣٤٨) حيث قال: "واستثناء صاع من ثمرة بستان كاستثناء قفيز من صبرة فلا يصح".
(٢) "الاستذكار" (٦/ ٣٢٣ - ٣٢٤) حيث قال: "أما فقهاء الأمصار الذين دارت عليهم الفتيا وألفت الكتب على مذاهبهم فكلهم يقول أنه لا يجوز أن يبيع أحد ثمر حائطه ويستثني منه كيلًا معلومًا قل أو كثر بلغ الثلث أو لم يبلغ فالبيع ذلك باطل إن وقع ولو كان المستثنى مدًّا واحدًا لأنَّ ما بعد ذلك المد ونحوه مجهول".

<<  <  ج: ص:  >  >>