الثانية:(الكتاب)، تكون الأولى:(ألَّفتُ)، وإن كانت:(الكتب)، فالأولى:(أُلِّفت)، وكل ذلك وارد.
ولكن الأظهر أنَّه ألفتُ الكِتَابَ على مذاهبهم، واحتمال ينطبق أن المؤلف ألف وإن لم يكن مستوعبًا لمذاهبهم.
وهذا هو الظاهر حقيقة؛ لأنَّ ما ألف كتاب واحد، وإنما ألفت جملة من الكتب، فمثلًا مذهب أبي حنيفة كم فيه من الكتب؟ كتب الرواية، وغيرها كتب التلاميذ؛ تلاميذ الإمام، ثم من بعدهم، وكذلك مالك، والشافعي، وأحمد، فالكتب كثيرة جدًّا، والذي يؤلف الكتاب إنَّما هو كاتب مجموعهم كتاب.
وفي هذه المسألة: عندنا صبرة، أو حائط استثني منه، وهذا المستثنى معلوم، ولكنه معلوم مشاهدةً لا قدرًا، أي: لا يستطيع أحدنا أن يُقدرها تقديرًا دقيقًا، وقد كان الحال في خرص النخل تقريبي، فالخُرَّاص الذين كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرسلهم لخراصة التمر كانوا يقدرونها تقديرًا، لما عندهم من خبرة.
قالوا: والاستثناء من المشاهد ليس كالاستثناء من المقدر؛ لأنَّ الاستثناء من المشاهد يتغير الحكم فيه، فلو استثنى أحدهم مثلًا صاعًا من صبرة، أو من حائط، فإنَّه لا يستطيع تحديد الباقي، فيصبح حينئذٍ المبيع مجهولًا، فيدخل تحت حديث: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثّنيا إلَّا أن تُعلم (١)، وهذه هي وجهة نظر الجمهور.
وقد قال المؤلف:(لأنَّه استثناء مكيل من جزاف)، لكنه لم يحدد لنا الأمر الجزاف.
ولو سأل سائل فقال: أنتم تجيزون بيع الصبرة جملة، فلماذا تقولون لا يجوز أن تباع الصبرة ويستثنى منها صاعًا أو صاعين، نقول: لأنَّ هذه