للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يجزه الكوفيون - ومنهم الإمام أبو حنيفة -، ولا الشافعي في القول الآخر؛ لأنَّهم يرون أنَّ الثمن يكون حينئذٍ مجهولًا، وأمَّا الذين أجازوا فقالوا: إنَّ الجهالة يسيرة.

* قولُهُ: (وَمَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا كَانَتِ الْإِجَارَةُ مَعْلُومَةً لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ مَجْهُولًا) (١).

وقد سبق أن مرت بنا مسألة يبيع دارًا ويشترط سكناها شهرًا أو أكثر، وقد بيَّنَا أنَّ هذا جائز في المذهبين المالكي، والحنبلي.

* قولُهُ: (وَرُبَّمَا رَآهُ الَّذِينَ مَنَعُوهُ مِنْ بَابِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ).

وذلك لأنَّه باعه هذه الدار، وأجرة الدار، ونعلم أنَّ البيع إنَّما هو عقد على ملك، يعني بيع عين، والإجارة إنَّما هي بيع منفعة.

وقد يسأل سائل فيقول: ألست إذا استأجرت هذه الدار أملكها تلك المدة؟

والجواب: أنَّك إنَّما تملك منافعها تلك المدة، ولا تملكها أصلًا، ولكن إن اشتريتها فإنَّك تملك أصلها، وبهذا يتبين الفرق بين البيع، والإجارة.

* قولُهُ: (وَأَجْمَعُوا عَلَى أنَّه لَا يَجُوزُ السَّلَف، أَوِ الْبَيْعُ كَمَا قُلْنَا).

أمَّا قولُهُ: (لا يجوز السلف، أو البيع) هذا كلام خطأ، بل البيع جائز، قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، والرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قدم المدينة فوجد الناس يسلفون في الثمار، قال: "من أسلف في شيء


= والكوفيون: فلا يجوز عندهم بيع والإجارة؛ لأنَّ الثمن - حينئذٍ - يكون مجهولًا عندهم؛ لأنَّه لا يعرف مبلغه من مبلغ حق الإجارة في عقد السلعة، والإجارة بيع منافع، فصار ذلك بيعتان في بيعة".
(١) يُنظر: "الشرح الكبير للدردير، وحاشية الدسوقي" (٤/ ٥)، حيث قال: "ولا بُدَّ في عوض الإجارة من كونه معلومًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>