للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*قولُهُ: (وَهَذِهِ كلُّهَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا، لاخْتِلَافِهَم بِالْأَقَلِّ وَالْأَكثَرِ فِي وُجُودِ عِلَلِ الْمَنْعِ فِيهَا الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، فَمَنْ قَوِيتْ عِنْدَهُ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْهَا مَنَعَهَا، وَمَنْ لَمْ تَقْوَ عِنْدَهُ أَجَازَهَا، وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى ذَوْقِ الْمُجْتَهِدِ).

واختلاف العلماء سببه: وجود الغرر، فهي ليست من الربَا، لكن هناك جهالة، وربما يكون هناك غبن، فمن رأى أنَّ الغرر يسير يغتفر؛ جَوَّزَها، ومن رآه كثيرًا مؤثِّرًا، لم يجوزها.

ثم هناك غرر مختلف فيه؛ أيلحق بالكثير أو بالقليل، فمن ألحقه بالكثير منعه، ومن ضمه إلى القليل أجازه.

وقد نرى أن أيسر الأئمة في هذه المسائل - أو في أغلبها - هو الإمام مالك، وليس معنى هذا أن يكون المذهب الأيسر هو الرَّاجح، فباقي العلماء أخذوا بالأحوط، والترجيح يقاس بعدة أمور.

وقوله: (ذوق المجتهد): لا يقصد به الذوق الذي نعرفه نحن، فذوق الفقهاء ذوقٌ يُبنى على النصِّ، والقياس الصحيح، وقصده هنا: التفهم والإدراك، فالفقه في اللغة: هو الفهم، وابن القيم رحمه الله تعالى عندما عرف الفقه في اللغة قال: هو فهم زائد (١)، ولذلك نجد أنَّ الناسَ يختلفون في مداركهم، وليس كل الناس على نسقٍ واحدٍ، فالطالب في الابتدائي مثلًا إدراكه ليس كإدراك مُعلمه، وربما يمر الزمن بالطالب ويكون أفهم من مُدَرِّسه، لكنه في هذه السن فهمه محدود، ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (٢)، ويقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)}.


(١) "إعلام الموقعين" (١/ ١٦٧)، حيث قال: "الفقه أخصُّ من الفهم، وهو فهم مراد المتكلم من كلامه، وهذا قدر زائد على مجرد فهم وضع اللفظ في اللغة".
(٢) أخرجه البخاري (٧١)، ومسلم (١٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>