للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثالُ السَّوم: لو اشترى رجل سلعة من رجلٍ آخر وكانا في مرحلة الخيار، فجاء ثالثٌ إلى المشتري فقال: يا فلان دع هذه السلعة وسأبيعك خيرًا منها، إمَّا بقيمتها أو أقلَّ.

أو أن يذهب إلى البائع فيقول له: اعدلْ عن البيع، وسأشتري منك هذه السلعة بثمن أكثر (١).

وهذا فيه إضرار من المسلم بأخيه المسلم، والإسلام يأبى ذلك وينهى عنه ويحاربه.

انظر إلى كمال هذا الدين وسموِّه؛ حيثُ حرص أن تبقى العلاقة بين المسلمين قوية، فلا تنفصل تلك العروة بل تبقى متصلة؛ لأنه إذا باع الرجلُ على بيع أخيه أو سام على سومه أو خطب على خطبته، فلا شكَّ أن ذلك يترك أثرًا في النفوس، والإسلام يسعى إلى أن تكون نفوس المسلمين وأفئدتهم صافية نقية، وأن تبقى المحبة بينهم قائمة، وينتشر بينهم المودة والألفة.

* قولُهُ: (وَنَهْيِهِ عَنْ تَلَقِّي الرُّكبَانِ، وَنَهْيِهِ عَنْ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ).

لحديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: "نَهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَن يُتَلَقى الرُّكْبان، أو يَبيع حاضرٌ لبادٍ … " (٢).

وتلقِّي الرُّكبان: هو تلقي التاجر للوافدين من الرِّيف إلى المدينة لبيع محاصيلهم، وشراؤها بثمن أقل من السعر القائم، وبيعها لأهل المدينة


(١) يُنظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٢/ ٤٢٥) قال: المساومة: المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها. والمنهي عنه أن يتساوم المتبايعان في السلعة، ويتقارب الانعقاد، فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة، ويخرجها من يد المشتري الأول بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين، ورضيا به قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة؛ لما فيه من الإفساد، ومباح في أول العرض والمساومة.
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (٥٠١٠) وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>