للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (فَقَالَ مَالِكٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ"، وَمَعْنَى نَهْيِهِ عَنْ أَنْ يَسُومَ أَحَدٌ عَلَى سَوْمٍ أَخِيهِ وَاحِدٌ، وَهِيَ فِي الحَالَةِ الَّتِي إِذَا رَكَنَ البَائِعُ فِيهَا إِلَى السَّائِمِ، وَلمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ مِثْلُ اخْتِيَارِ الذَّهَبِ، أَوِ اشْتِرَاطِ العُيُوبِ، أَوِ البَرَاءَةِ مِنْهَا).

الإمام مالك - رحمه الله - يرى أنَّه لا فرق بين بيعه على بيع أخيه وسومه على سوم أخيه، وأن الصورتين متحدتان، والأمرين ملتقيان عند شيء واحد، لكن هذا إنما يكون إذا ركن البائع؛ أي: وافق على البيع للسَّائم. هذا هو الذي يحرم، أما لو سام سلعةً، ثُمَّ جاء آخر فسام … ، فليس ممنوعًا (١).

إذًا: سومه على سوم أخيه يفتقر إلى ثلاث:

الأولى: أن يَرضى بالسَّوم، فهذا الذي يحرم؛ لأنه سيُفسد على أخيه المسلم.

الثانية: أن لا يرضى بالبيع، فهذا له أن يتقدَّم هو وغيره.

الثالثة: أن يظهر منه علامات الرضا كنايةً لا تصريحًا، فهذا محل خلاف بين العلماء، هل تلحق بالمنع أو بالجواز؟

* قولُهُ: (وَبِمِثْلِ تَفْسِيرِ مَالِكٍ فَسَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا الحَدِيثَ (٢)، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: مَعْنَى "لَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ"، أَنْ لَا يَطْرَأَ رَجُلٌ


(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٣/ ١٥٩)، قال: السوم على سوم الأخ أي: قبل الركون، وهو موجب للشحناء، وإنما قلنا: قبل الركون؛ لأنه بعده حرام.
(٢) يُنظر: "الدر المختار" وحاشية ابن عابدين (٥/ ١٠٢) قال: "وصُورةُ السَّوم أن يتراضيا بثمنٍ، ويقع الرُّكُونُ به، فيجيء آخرُ فيدفع للمالك أكثر أو مثلهُ. وصُورةُ البيع أن يتراضيا على ثمن سلعةٍ، فيقُول آخرُ: أنا أبيعُك مثلها بأنقص من هذا الثَّمن ". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>