للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرُ عَلَى المُتَبَايِعَيْنِ، فَيَقُولَ: عِنْدِي خَيْرٌ مِنْ هَذه السِّلْعَةِ وَلَمْ يَحُدَّ وَقْتَ رُكُونٍ وَلَا غَيْرَهُ) (١).

يطرأ: يُقال: طَرَأَ الأمرُ طُروءًا، فهو طارئ، والطَّارئ: الغريب (٢)، والمعنى: ألَّا يأتي شخصٌ آخر.

* قولُهُ: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَى ذَلِكَ إِذَا تَمَّ البَيْعُ بِاللِّسَان، وَلَمْ يَفْتَرِقَا، فَأَتَى أَحَدٌ يَعْرِضُ عَلَيْهِ سِلْعَةً لَهُ هِيَ خَيْرٌ مِنْهَا).

وقيَّد الشافعيُّ - رحمه الله - مذهبه بقوله: "وَلَمْ يَفْتَرِقَا"؛ لأنه يرى أن البيع لا يلزم إلا إذا افترق المتبايعان من المجلس (٣)، (٤)؛ لذلك قال المؤلف - رحمه الله -:

(وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ البَيْعَ إِنَّمَا يَلْزَمُ بِالافْتِرَاقِ، فَهُوَ وَمَالِكٌ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا يَتَنَاوَلُ حَالَةَ قُرْبِ لُزُومِ البَيْعِ عَلَى مَا سَنَذْكرُهُ بَعْد، وَفُقَهَاءُ الأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ هَذَا البَيْعَ يُكْرَه، وإِنْ وَقَعَ مَضَى لِأَنَّهُ سَوْمٌ عَلَى بَيْعٍ لَمْ يَتِمَّ).

أي: أكثر فقهاء الأمصار على أنَّ البيع لا يَفسد (٥)، لأنهم يرون أن


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢١/ ٦٦) قال: وقال سفيان الثوري: معنى قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ"، أن يقول: عندي خيرٌ منه.
(٢) يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (١/ ١١٤) قال: طرأ على القوم يطرأ طرءًا وطروءًا: أتاهم من مكان، أو طلع عليهم من بلد آخر، أو خرج عليهم من مكان بعيد فجاءة، أو أتاهم من غير أن يعلموا، أو خرج عليهم من فجوة.
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٣٩٠) قال: "والبيع على بيع غيره قبل لزومه"، أي: البيع بأن يكون في زمن خيار المجلس أو الشرط لتمكُّنه من الفسخ، أما بعد لزومه فلا معنى له.
(٤) ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" للرحيباني (٣/ ٥٥)، قال: "وحرم، ولا يصح بيع على بيع مسلم"، زمن الخيارين … أما لو قال له ذلك بعد مضي الخيار ولزوم البيع، فلا يحرم؛ لعدم التمكن من الفسخ إذن.
(٥) مذهب الحنفية، ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٣/ ٥٤) قال:=

<<  <  ج: ص:  >  >>