للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْ البَائِعِ أَوْ مِنْ المُشْتَرِي؛ كَأَنْ يَبْتَدِئَ المُشْتَرِي فَيَقُولَ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا بِأَلْفٍ.

وَالقَبُولُ: الفِعْلُ الثَّانِي، وَإِلَّا فَكُلٌّ مِثهُمَا إيجَابٌ، أَيْ: إثْبَاتٌ فَسَمَّى الثَّانِيَ بالقَبُولِ تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الإِثْبَاتِ الأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ يَقَعُ قَبُولًا وَرِضًا بِفِعْلِ الأَوَّلِ (١).

ولكن اختلفوا في زمن لزومِ البيع، هل هو بالإيجاب والقبول، أم بالافتراق عن المجلس؟ ولهذا قال رحمه الله:

* قولُهُ: (وَاخْتَلَفُوا مَتَى يَكُونُ اللُّزُومُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُمَا، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ: إِنَّ البَيْعَ يَلْزَمُ فِي المَجْلِسِ بِالقَوْلِ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُد، وَابْنُ عُمَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم -: البَيْعُ لَازِمٌ بِالافْتِرَاقِ مِنَ المَجْلِسِ، وَأَنَّهُمَا مَهْمَا لَمْ يَفْتَرِقَا، فَلَيْسَ يَلْزَمُ البَيْعُ وَلَا يَنْعَقِد، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَسَوَّارٍ القَاضِي، وَشُرَيْحٍ


(١) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٤/ ٥٠٦): "قولُهُ: فالإيجاب … إلخ"، هذه الفاء الفصيحة، وهي المفصحة عن شرط مقدر، أي: إذا أردت معرفة الإيجاب والقبول المذكورين. وفي "الفتح": الإيجاب الإثبات لغةً لأي شيءٍ كان، والمراد هنا إثبات الفعل الخاص والدال على الرضا الواقع أوَّلًا؛ سواء وقع من البائع أو من المشتري، كأن يبتدئ المشتري فيقول: اشتريت منك هذا بألفٍ، والقبول الفعل الثاني، وإلا فكل منهما إيجاب، أي: إثبات، فسمي الثاني بالقبول تمييزًا له عن الإثبات الأول؛ ولأنه يقع قبولًا ورضًا بفعل الأول. اهـ. "قولُهُ: والقبول" في بعض النسخ: "فالقبول" بالفاء، فهو تفريع على تعريف الإيجاب؛ ولذا قال المصنف لما ذكر أن الإيجاب ما ذكر أولًا، علم أن القبول هو ما ذكر ثانيًا من كلام أحدهما أفاده ط. "قولُهُ: ما يذكر ثانيًا من الآخر" أي: من العاقد الآخر، والتعبير بـ "يذكر" لا يشمل الفعل، وعرفه في "الفتح" بأنه الفعل الثاني كما مر، وقال: لأنه أعم من اللفظ، فإن من الفروع ما لو قال: كل هذا الطعام بدرهم فأكله، تم البيع، وأكله حلال، والركوب واللبس بعد قول البائع اركبها بمائة، والبسه بكذا رضا بالبيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>