للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَاضِي، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ) (١).

فهنا قولانِ لأهل العلم في لزوم البيع وانعقاده:

الأول: أنه يلزم بالإيجاب والقبول، وإن لم يتفرقا عن مجلس العقد، أي: مكان التبايع أو التعاقد، ونفوا خيار المجلس، ويكون معنى التفرق تفرق الأقوال، وممن قال بذلك الأحناف (٢)، والمالكية (٣).


(١) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٤/ ١٤) قال: وقال مالك: لا خيار للمتبايعين إذا عقد البيع بكلام وإن لم يفترقا، وذكر ابن خواز منداد عن مالك في معنى البائعين بالخيار ما لم يفترقا، نص ما ذكرناه عن محمد بن الحسن وأبي حنيفة: كان إبراهيم النخعي يرى البيع جائزًا وإن لم يفترقا. وقال سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وابن أبي ذئب والليث بن سعد وعبد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة وسوار القاضي والشافعي وأصحابه وعبد الله بن المبارك: إذا عقد المتبايعان بيعهما، فهما جميعًا بالخيار في إتمامه وفسخه ما داما في مجلسهما ولم يفترقا بأبدانهما، والتفرق في ذلك كالتفرق في الصرف سواء، وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد وداود بن علي والطبري، وروي ذلك عن عبد الله بن عمر، وأبي برزة الأسلمي وسعيد بن المسيب وشريح القاضي والشعبي والحسن البصري.
(٢) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٣/ ٢٣) قال: وإذا حصل الإيجاب والقبول، لزم البيع، ولا خيار لواحد منهما إلا من عيبٍ أو عدم رؤية.
وقال الشافعي رحمه الله: يثبت لكل واحد منهما خيار المجلس؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا"، ولنا أن في الفسخ إبطال حق الآخر، فلا يجوز. والحديث محمول على خيار القبول، وفيه إشارة إليه، فإنهما متبايعان حالة المباشرة لا بعدها، أو يحتمله، فيحمل عليه، والتفرق فيه تفرق الأقوال.
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير، وحاشية الدسوقي (٣/ ٩١)، قال: "فصل إنما الخيار بشرط" "قولُهُ عندنا" أيْ: خلافًا للشافعية، فإنه معمول به عندهم، ووافقهم ابن حبيب من أئمتنا، والسيوري وعبدالحميد الصائغ، وعلى المشهور من عدم العمل به، فاشتراطه مفسد للبيع؛ لأنه من المدة المجهولة الآتية. "قولُهُ: وإن ورد به الحديث" أي: وهو قولُهُ عليه الصلاة والسلام: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"، وَهَذا الحديث وإن كان صحيحًا، لكن صحته لا تنافي أنه خبر آحاد، وعمل أهل المدينة مقدم عليه عند مالك، وذلك لأن عمل أهل المدينة كالمتواتر؛ لأنه من قبيل=

<<  <  ج: ص:  >  >>