للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك عقود غير لازمة، كعقد الوكالة، فيجوز للإنسان في أيِّ ساعة أن يبطله.

ولذلك اختلف العلماء، إذا تم عقد البيع هل لهما أن يفسخاه؟ فقال بعضهم كما تقدم: إن خيار المجلس ينافي أصل عقد البيع وحملوا الحديث على تفرق الأقوال.

والقول الصحيح بإثباته، وهذا ما جاء من فعل راوي الحديث وهو ابن عمر قال نافع: فكان إذا بايع رجلًا، فأراد ألَّا يقيلَه، قام فمشى هنية، ثم رجع إليه (١).

* قولُهُ: (وَأَمَّا المُخَالِفُونَ فَقَدِ اضْطَرَبَ بِهِمْ وَجْهُ الدَّلِيلِ لِمَذْهَبِهِمْ فِي رَدِّ العَمَلِ بِهَذَا الحَدِيثِ. فَالَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مَالِكٌ رحمه الله فِي رَدِّ العَمَلِ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُلْفِ عَمَلَ أَهْلِ المَدِينَةِ عَلَيْهِ).

فهم لم ينكروا ثبوت الحديث وصحته، ولكن اضطربت أقوالهم في تأويله، وردَّه، فقال الإمام مالك: أنه لم يجد أهل المدينة يعملون به، فهذا كالتواتر، وأما الحديث فهو مع صحته من أحاديث الآحاد، فقدم عمل أهل المدينة على خبر الآحاد (٢).

والصحيح: أنه قد ورد الخلاف عن أهل المدينة، فقد ورد عن عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب، وابن شهاب وابن أبي ذئب، وغيرهم (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٥٣١).
(٢) يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٣/ ٩١)، قال: وهذا الحديث، وإنْ كان صحيحًا، لكن صحته لا تنافي أنه خبر آحاد، وعمل أهل المدينة مقدم عليه عند مالك، وذلك لأن عمل أهل المدينة كالمتواتر؛ لأنه من قبيل الإجماعيات، والمتواتر يفيد القطع بخلاف خبر الآحاد، فإنما يفيد الظن.
(٣) يُنظر: "الاستذكار" (٦/ ٤٧٦) قال: وأي إجماع يكون في هذه المسألة إذا كان=

<<  <  ج: ص:  >  >>