للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (مَعَ أَنَّهُ قَدْ عَارَضَهُ عِنْدَهُ مَا رَوَاهُ مِنْ مُنْقَطِعِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: "أَيُّمَا بَيِّعَيْنِ تَبَايَعَا فَالقَوْلُ قَوْلُ البَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ" (١)، فَكَأَنَّهُ حَمَلَ هَذَا عَلَى عُمُومِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي المَجْلِسِ، وَبَعْدَ المَجْلِسِ، وَلَوْ كَانَ المَجْلِسُ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ البَيْعِ لَمْ يَكُنْ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى تَبْيِينِ حُكْمِ الاخْتِلَافِ فِي المَجْلِسِ، لِأَنَّ البَيْعَ بَعْدُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَلَا لَزِمَ بَلْ بِالافْتِرَاقِ مِنَ المَجْلِسِ، وَهَذَا الحَدِيتُ مُنْقَطِعٌ (٢)، وَلَا يُعَارَضُ بِهِ الأوَّل، وَبِخَاصَّةٍ أَنَّهُ لَا يُعَارِضُهُ إِلَّا مَنْ تَوَهَّمَ العُمُومَ فِيهِ، وَالأَوْلَى أَنْ يَنْبَنِيَ هَذَا عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الحَدِيثُ لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مُسْنَدًا فِيمَا أَحْسَبُ (٣)، فَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ مَالِكٌ رحمه اللّهُ فِي تَرْكِ العَمَلِ بِهَذَا الحَدِيثِ).


= المخالف فيها، منهم عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وابن شهاب وابن أبي ذئب وغيرهم، وهل جاء فيها منصوصًا الخلاف إلا عن أبي الزناد وربيعة ومالك ومن تبعه، وقد اختلف فيها أيضًا عن ربيعة فيما ذكر بعض الشافعيين.
وقال ابن أبي ذئب: وهو من جِلَّة فقهاء المدينة من قال: إن البيعين ليسا بالخيار حتى يفترقا، استتيب، وجاء بقول فيه خشونة تركت ذكره، وهو محفوظ عند العلماء.
(١) أخرجه مالك في "الموطإ" (١٩٦٠)، قال الإمام مالك بعد ذكر حديث ابن عمر: "البيعان بالخيار" قال: وليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به فيه.
(٢) يُنظر:، (البدر المنير" لابن الملقن (٦/ ٦٠٥) قال … وبالجملة، وكل طرق هذا الحديث لا تخلو من علة، ولقد أحسن إمامنا الشافعي رحمه الله فقال على ما نقله البيهقي عن الزعفران عنه: حديث ابن مسعود، وهذا منقطع لا أعلم أحدًا وَصَله عنه.
(٣) أخرجه متصلًا الطبراني في "المعجم الكبير" (١٠/ ٧٢)، وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ٨٤): رواته ثقات؛ لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح، وما أظنه حفظه، فقد جزم الشافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شيءٌ موصولٌ؛ وذَكَره الدارقطني في علله، فلم يعرج على هذه إن المتبايعين هما المتساومان، بطلت فائدة الحديث؛ إذ لا يشك أحد أن المتساومين كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتم البيع بالكلام، هذا معلوم بالفطرة لا يحتاج إلى بيان الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>