للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَثْبُتُ بَعْدُ، فَيَتَطَرَّقُ إِلَى ذَلِكَ المَسْأَلَةُ المَشْهُورَةُ: هَلِ الزِّيَادَةُ نَسْخٌ أَمْ لَا؟ وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَهَا بِالغُسْلِ (١)، فَهَذَا هُوَ حَالُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ وَمَذْهَبَ البِنَاءِ).

هَذَا كلامٌ متجهٌ، فلَوْ كان ذلك واجبًا لبُيِّن ونُقِلَ إلينا؛ إذ هو يتعلَّق برُكْنٍ مهمٍّ من أركان الإسلام، وهو الصلاة.

* قوله: (وَيَبْعُدُ أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِفُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ تَجْهَلُ الفَرْقَ بَيْنَ الاسْتِحَاضَةِ وَالحَيْضِ)؛ يعني: إذا كانت تجهل دم الاستحاضة، فلا تُفرِّق بينه وبين دم الحيض، فكيف تعرف مثل ذلك؟

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ النَّسْخِ، فَقَالَ: إِنَّ حَدِيثَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ اسْتُحِيضَتْ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُهَا بِالغُسْلِ عِنْدَ كلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا جَهَدَهَا ذَلِكَ، أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ، وَالمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ، وَتَغْتَسِلَ ثَالِثًا لِلصُّبْحِ (٢)، وَأَمَّا الَّذِينَ ذَهَبُوا مَذْهَبَ الجَمْعِ، فَقَالُوا: إِنَّ حَدِيثَ فَاطِمَةَ ابْنَةِ أَبِي حُبَيْشٍ مَحْمُولٌ عَلَى الَّتِي تَعْرِفُ أَيَّامَ الحَيْضِ مِنْ أَيَّامِ الاسْتِحَاضَةِ، وَحَدِيثَ أُمِّ حَبِيبَةَ مَحْمُولٌ عَلَى الَّتِي لَا تَعْرِفُ ذَلِكَ،


(١) أخرجه الحاكم في " المستدرك " (١/ ٢٧٠)، عن فاطمة بنت أبي جحش أنها جاءت إلى عائشة فقالت: إني أخاف أن أقَعَ في النار، إني أدع الصلاة السَّنة والسَّنتين لا أصلي، فقالت عائشة لنبي الله - صلى الله عليه وسلم -: هذه فاطمة تقول كذا وكذا، فقال لها: " قولي لها: فلتدع الصلاة في كل شهر أيام قرئها، ثم لتغتسل في كل يوم غسلًا واحدًا، ثم الطهور عند كل صلاة ". وقال: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه بهذا اللفظ.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٩٥)، وضَعَّف إسنادَه الأَلْبَانيُّ في " ضعيف أبي داود " (٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>