للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأُمِرَتْ بِالطُّهْرِ فِي كُلِّ وَقْتٍ احْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ إِذَا قَامَتْ إِلَى الصَّلَاةِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ طَهُرَتْ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ ابْنَةِ عُمَيْسٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ لَهَا أَيَّامُ الحَيْضِ مِنْ أَيَّامِ الاسْتِحَاضَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْهَا فِي أَوْقَاتٍ، فَهَذِهِ إِذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ، وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ بِذَلِكَ الغُسْلِ صَلَاتَيْنِ. وَهُنَا قَوْمٌ ذَهَبُوا مَذْهَبَ التَّخْيِيرِ بَيْنَ حَدِيثَيْ أُمِّ حَبِيبَةَ وَأَسْمَاءَ، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِحَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَهَا (١)، وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ المُخَيَّرَةَ هِيَ الَّتِي لَا تَعْرِفُ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ هِيَ المُسْتَحَاضَةُ عَلَى الإِطْلَاقِ؛ عَارِفَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ عَارِفَةٍ، وَهَذَا قَوْلٌ خَامِسٌ فِي المَسْأَلَةِ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ حَمْنَةَ ابْنَةِ جَحْشٍ إِنَّمَا هُوَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِطُهْرٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَ أَنْ تَتَطَهَّرَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الوَاجِبَ أَنْ تَطهَّرَ فِي كلِّ يَوْمٍ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَعَلَّهُ إِنَّمَا أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا لِمَكَانِ الشَّكِّ، وَلَسْتُ أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ أَثَرًا).

المُؤلِّف رَحِمَهُ اللهُ بَسَط هذه المسألَةَ بسطًا جيدًا، وَنَاقش مسائلها نقاشًا وافيًا كما هو واضحٌ.


(١) أخرجه أبو داود (٢٨٧)، عن حَمْنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلتُ: يا رَسُولَ الله، إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فَمَا ترى فيها؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " سآمرك بأمرين، أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر، وإن قويت عليهما فأنت أعلم "، قال لها: " إنَّما هَذِهِ ركضةٌ من رَكَضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستنقأت فصلي ثلاثًا وعشرين ليلةً، أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامها وصومي، فإن ذلك يجزئك "، وحسن إسناده الأَلْبَانيُّ في " صحيح أبي داود " (٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>