للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي جَوَازِ وَطْءِ المُسْتَحَاضَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، فَقَالَ قَوْمٌ: يَجُوزُ وَطْؤُهَا، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الأَمْصَارِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَ يَجُوزُ وَطْؤُهَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالحَكَمُ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ بِهَا، وَبِهَذَا القَوْلِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ إِبَاحَةُ الصَّلَاةِ لَهَا هِيَ رُخْصَةٌ لِمَكَانِ تَأْكِيدِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ، أَمْ إِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهَا الصَّلَاةُ؛ لِأنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الطَّاهِرِ؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ، لَمْ يُجِزْ لِزَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا، وَمَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لِأنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الطَّاهِرِ، أَبَاحَ لَهَا ذَلِكَ، وَهِيَ بِالجُمْلَةِ مَسْأَلَةٌ مَسْكُوتٌ عَنْهَا، وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الطُّولِ وَلَا طُولَ، فَاسْتِحْسَانٌ).

سَبَقَ أن تكلَّمنا عن وَطْءِ الحائض، وبيَّنَّا إجماع العلماء على تحريم وطئها، وذَكَرنا أدلة ذلك، والمسألة مُجْمَعٌ عليها، وقلنا: ورد ذلك نصًّا وإجماعًا، يعني: تَحْريم الوطء في الفرج محرمٌ بالنص والإجماع (١).

شَرَعَ المؤلِّف في ذكر مسألة وطء المستحاضة، وأنَّ العلماء اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوالٍ:

القول الأوَّل: أنه يجوز وطؤها، فلها أحكام الطاهرات، وإليه ذهب أبو حنيفة (٢)، ...................................................


(١) يُنظر: " الأوسط " لابن المنذر (٢/ ٣٣٦)، قال: " والفرج محرم في حال الحيض بالكتاب والإجماع … ".
(٢) يُنظر: " رد المحتار " لابن عابدين (١/ ٢٩٨)، قال: " (ودم استحاضة) حكمه (كرعاف دائم) وقتًا كاملًا (لا يمنع صومًا وصلاةً) ولو نفلًا (وجماعًا) لحديث: " توضئي وصلي وإن قطر الدم على الحصير ".

<<  <  ج: ص:  >  >>