للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى يقول: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)}، {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إلى آخر الآيات.

ولا شك أن الزنا كبيرة، فإذا وقع في الإماء، فهل يعتبر عيبًا فيهن فيؤثر أو لا؟

* قولُهُ: (فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ عَيْبٌ).

قال مالك (١)، والشافعي (٢)، وأحمد (٣): هو عيب.

* قولُهُ: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ بِعَيْبٍ).

المؤلف هنا أطلق في مذهب أبي حنيفة، وأبو حنيفة فصَّل، فزنا العبد أو الأمة إذن عيب عند الأئمة؛ مالك والشافعي وأحمد، وفصل أبو حنيفة القول في ذلك، ففرق بين الأمة وبين العبد، فقال: هو عيب في


(١) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة"، لابن يونس (١٤/ ١٣٢)، حيث قال: ومن المدونة: ومن اشترى أمة فألفاها قد زنت عند البائع فليس بواجب على المبتاع أن يحدها إلا إن كان ذلك عيبًا ترد به في الوخش والعلية. قال ابن القاسم: وهو عيب في العبد أيضًا. وانظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٥٥١).
(٢) يُنظر: "فتح الوهاب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٢٠٢)، حيث قال: " (وبظهور عيب) بقيد زدته بقولي: (باق) بأن لم يزل قبل الفسخ (ينقص) العين نقصًا يفوت به غرض صحيح، أو (تنقص قيمتها وغلب في جنسها)، أي: العين (عدمه)؛ إذ الغالب في الأعيان السلامة، وخرج بالقيد الأول ما لو زال العيب قبل الفسخ وبالثاني قطع أصبع زائدة وفلقة يسيرة من فخذ أو ساق لا يورث شيئًا ولا يفوت غرضًا فلا خيار بهما، وبالثالث ما لا يغلب فيه ما ذكر كقلع سن في الكبر وثيوبة في أوانها في الأمة فلا خيار به وإن نقصت القيمة به … (وزنا وسرقة وإباق) من رقيق أي بكل منها وإن لم تتكرر تاب عنه أو لم يتب لذلك ذكرًا كان أو أنثى صغيرًا أو كبيرًا".
(٣) يُنظر: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (٣/ ١٠٩)، وفيه قال: " (وزنى من بلغ عشرًا) عبدًا كان أو أمة؛ لأنه ينقص قيمته، ويقلل الرغبة فيه، وكذا لواطته فاعلًا كان أو مفعولًا به؛ لأنه أقبح من الزنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>