للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائل فيقول: لماذا تباع إذا كان فيها عيب؟ سينتقل العيب إذن إلى المالك الجديد، سأذكر تعليل العلماء، وجواب جمهور الفقهاء في ذلك أيضًا أن ليس شرطًا أن ما يثبت في الإماء لا يثبت في العبيد؛ فالحد إنما نص الله سبحانه وتعالى، عليه في الإماء دون العبيد، ومع ذلك أجمع العلماء على إلحاق العبد بالأمة (١).

ففي قولُهُ تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} لم يرد ذكر العبد، فألحق بالأمة.

يأتي بعد ذلك السؤال الذي أوردت: أليس إذا بيعت تنتقل بعيبها؟ الجواب: نعم. لماذا؟ إنما يبيعها لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "بل يبيعها ولو بحبل من شعر". هذا دليل على أن لهذا تأثيرًا في الخُلُق؛ لأنه لو لم يكن مؤثرًا لما طلب الرسول من صاحبها أن يبيعها ولو بحبل، وجعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الحبل علامة على الدناءة والقلة، كما في قولُهُ: "لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده" (٢). هذا دليل على أن ذلك قد أثر فيها.

أجاب العلماء عن السؤال السابق بالنسبة للأمة من وجهين:

الأول: أنه إذا انتقل الملك إلى غير المالك، فقد يزوجها فيعفها، أو أنه يُعِفُّها هو.

الثاني: أن من انتقلت إليه قد يؤدبها تأديبًا صارمًا، بأن تكون له هيبة "رحم الله امرأً علق سوطه بحيث يراه أهله" (٣) فالناس يختلفون في مواضع


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٥٠) قال: وأما العبد فلا فرق بينه وبين الأمة، فالتنصيص على أحدهما يثبت حكمه في حق الآخر، كما أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق شركًا له في عبد" ثبت حكمه في حق الأمة، ثم إن المنطوق أولى منه على كل حال.
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٩٩)، ومسلم (١٦٨٧/ ٧).
(٣) معنى حديث أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٧/ ٣٣٢)، وغيره عن ابن عمر، ولفظه: "علقوا السوط حيث يراه أهل البيت" وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>