للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذى، فمن الناس من تجد فيه الحزم والجد والصلابة، فيؤدبها تأديبًا شديدًا فيردعها ويمنعها عن الوقوع في الخطأ. ومن الناس من يتساهل نتيجة طيبة أو تسامح أو غفلة (١).

أما بالنسبة للعبد فإن الحنفية قالوا بأنه لا يراد للفراش، فأجاب الجمهور بأن العبد لو زنى فإن الإنسان لا يأمن عليه أهله ولا حريمه ولا من في بيته، فهو غير موثوق به؛ لأن هذا نقص في خلُقه فذلك مؤثر، ولا شك أن مذهب جمهور العلماء أقوى في هذه المسألة وهو الصحيح (٢).

* قولُهُ: (وَهُوَ نَقْصٌ فِي الْخُلُقِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ الْعِفَّةُ. وَالزَّوَاجُ


(١) قال أبو العباس القرطبي: "فإن قيل: إذا كان مقصود هذا الحديث إبعاد الزانية، ووجب على بائعها التعريف بزناها، فلا ينبغي لأحد أن يشتريها، لأنها مِمَّا قد أُمِرَ بإبعادها. فالجواب: أنَّها مالٌ ولا يُضاع للنهي عن إضاعة المال، ولا تُسيَّب، ولا تحبس دائمًا؛ إذ كل ذلك إضاعة مال، ولو سُيِّبت لكان ذلك إغراءً لها بالزنى وتمكينًا منه، فلم يبق إلا بيعها. ولعل السيِّد الثاني يُعِفُّها بالوطء، أو يبالغ في التحرز بها، فيمنعها من ذلك. وعلى الجملة فعند تَبَدُّل الأملاك تختلف عليها الأحوال. وجمهور العلماء حملوا الأمر ببيع الجارية الزانية على النَّدب، والإرشاد للأصلح ما خلا داود وأهل الظاهر فإنهم حملوه على الوجوب تمسُّكًا بظاهر الأمر، والجمهور صرفوه عن ظاهره تمُّسكًا بالأصل الشرعي، وهو: أنَّه لا يجبر أحدٌ على إخراج ملكه لملك آخر بغير الشفعة. فلو وجب ذلك عليه لجبر عليه، ولم يجبر عليه فلا يجب". انظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (١٦/ ٣٩).
(٢) وقال السبكي: "وقول أبي حنيفة: إن العبد لا يرد بعيب الزنا بخلاف الأمة، فإن زناه يؤدي إلى اختلاط نسبه بنسب غيره، وأجاب أصحابنا: بأن زنا العبد يوجب الحد وينقص قيمته وقد يموت تحت الحد ولا فرق بين الصغير والكبير، وإن كان الحد لا يجب على الصغير؛ لأنه يتعود ذلك فيفعله بعد الكبر، نص الأصحاب على أنه لو زنا مرة واحدة في يد البائع فللمشتري الرد وإن تاب وحسنت حالته؛ لأن تهمة الزنا لا تزول؛ ولهذا لا يعود إحصان الحر الزاني بالتوبة". انظر: "تكملة مجموع النووي" (١٢/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>