للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين أيضًا، هل هو عيب؟ الدين ليس عيبًا أيضًا، فمتى يكون الدين عيبًا؟ العيب إنما هو في عدم سداد الحقوق، وعدم أداء الأمانات إلى أهلها، أما أن يستدين الإنسان فخير البرية قد استدان، وقد مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهون عند يهودي بشعير (١)، هذا نوع من الدين، والناس للناس من بدو وحاضرة، بعضهم لبعض، ويعد الدين نقصًا في العبد إذا كان في الرقبة وكان السيد معسرًا، أما لو كان مدينًا والتزم سيده أن يسدد عنه زال المانع.

إذن ذكر المؤلف أمرين:

أولًا: أن زواج الأمة عيب بالنسبة للسيد، لأنه لا يتمتع بحقوقه كاملة منها.

ثانيًا: الدين أيضًا يعتبر عيبًا، ويقصد به النقص، لا أن ذات الدين عيب.

وكذلك الجناية التي يترتب عليها القود، فهي أيضًا نقص، فهذه الأمور كلها لها تأثير، وليس الأمر عند مالك، بل هذا مما قد اتفق عليه الأئمة الأربعة، فيما يتعلق بالدين (٢)، وما يتعلق بالزواج (٣)،


(١) أخرجه البخاري (٢٩١٦)، واللفظ له، ومسلم (١٦٠٣)، عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: "توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي، بثلاثين صاعًا من شعير".
(٢) مذهب الأحناف، يُنظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٦/ ٤٨)، وفيه قال: " (قولُهُ والدين) لأن ماليته تكون مشغولة به والغرماء مقدمون على المولى أطلقه، فشمل دين العبد والجارية وما إذا كان مطالبًا به للحال أو متأخرًا إلى ما بعد العتق".
ومذهب المالكية سبق تحريره.
وفي مذهب الشافعية فرقوا بين الدين الذي في الرقبة والمتعلق بالذمة:
يُنظر: "روضة الطالبين"، للنووي (٣/ ٤٦٣)، حيث قال: ومن العيوب: تعلق الدين برقبتهما، ولا رد بما يتعلق بالذمة.
وفي مذهب الحنابلة، يُنظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٩٣)، حيث قال: "خيار العيب وهو نقص عين المبيع كخصاء ولو لم تنقص به القيمة بل زادت قيمته عادة في عرف التجار وفي الترغيب وغيره نقيصة يقتضي العرف سلامة المبيع عنها: كمرض وذهاب جارحة … والدين في رقبة العبد والسيد معسر".
(٣) مذهب الأحناف، يُنظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (٥/ ٢٧٥)، وفيه قال: "والحرمة بالرضاع أو الصهرية ليس بعيب فيها؛ لأن الجواري لا يشترين للاستمتاع عادة، بل=

<<  <  ج: ص:  >  >>