للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن الإنسان الدنيء في أخلاقه، في تصرفاته، ينزل إلى صغائر الأمور، يكون شرسًا كذلك في معاملته، هذا أيضًا يعتبر عيبًا لكن هل هذا العيب مؤثر؟

هناك صفات جبلات يولد الإنسان وهي معه، وبعضها صفات مكتسبة، فبعض الناس يجبله الله على الكرم، وبعضهم مجبول على البخل، تجد بعضهم شجاعًا وبعضهم جبانًا، وهناك صفات يكتسبها الناس، فهذا يكتسب زيادة في أخلاقه، في مروءته، إذا جالس الصالحين استفاد من سيرتهم، وهذا يسلك المسالك الملتوية فتؤثر فيه، ولذلك وصف لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - الجليس الصالح بأنه بمثابة صاحب المسك إن لم تشترِ منه فإنه يحذيك أي: تستفيد من رائحته الطيبة، أما الجليس السيئ فإنه بلا شك إن لم يحرق هذا الكير ثوبك فستخرج برائحة خبيثة (١)، وهذه أمور يعرفها من درسوا الأدب الإسلامي، هناك صفات تولد مع الإنسان، وهناك صفات يكتسبها، وهذه المكتسبة قد تكون خيرًا كما في التعلم، في الصنعة، في غيرها، وربما يكتسب المرء صفات كان الأولى به أن يجتنبها (٢).

* قولُهُ: (وَالتَّصْرِيَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ عَيْبٌ).

التصرية من صرى الشيء، والمقصود بها الحبس والمنع والجمع، والمقصود بها هنا هو إبقاء الحليب في ضرع الناقة أو الشاة أو البقرة مدة


= يستعمل بلفظ واحد للمفرد المذكر والمؤنث والمثنى والمجموع، وأوخشت الشيء خلطته". انظر: "المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٦٥٢).
(١) ورد هذا المعنى في الحديث الذي أخرجه البخاري (٥٥٣٤)، ومسلم (٢٦٢٨/ ١٤٦) عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة".
(٢) وهذا موجود في حديثه - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أبو داود (٥٢٢٥) عن الأشجِّ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إن فيكَ خَلَّتَينِ يُحِبُّهُما اللهُ: الحِلْمُ والأنَاةُ"، قال: يا رسولَ الله، أنا أتَخَلَّقُ بهما أمِ اللهُ جبلَنِي عليهما؟ قال: "بل اللهُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>