وفي مذهب الشافعية، يُنظر: "قواطع الأدلة" في الأصول، لأبي المظفر السمعاني (١/ ١٤٠ - ١٥٣)، وفيه قال: "النهي يدل على فساد المنهي عنه. وهو الظاهر من مذهب الشافعي وعليه أكثر الأصحاب، إلا أنهم اختلفوا؛ فمنهم من قال: يقتضي الفساد من جهة الوضع في اللغة، ومنهم من قال: يقتضي الفساد من جهة الشرع، ويمكن أن يقال يقتضي الفساد من حيث المعنى لا من حيث اللغة، وقد ذهب إلى هذا المذهب أيضًا جماعةٌ من أصحاب أبي حنيفة، ومن أصحابنا من قال: إن النهي لا يدل على فساد المنهي عنه، وحكي عن الشافعي رحمه الله ما يدل عليه، وهذا اختيار أبي بكر القفال الشاشي، وهو قول الكرخي ومن معه من أصحاب أبي حنيفة، وهو أيضًا قول أكثر المتكلمين، ومنهم أبو علي وأبو هاشم وأبو عبد الله البصري … وفي مذهب الحنابلة النهي يقتضي الفساد سواء تعلق النهي بالمنهي عنه أم لا: يُنظر: "روضة الناظر"، لابن قدامة (١/ ٦٠٥ - ٦١١)، وفيه قال: "النهي عن الأسباب المفيدة للأحكام يقتضي فسادها. وقال قوم: النهي عن الشيء لعينه: يقتضي الفساد، والنهي عنه لغيره لا يقتضيه … وقال آخرون: النهي عن العبادات يقتضي فسادها، وفي المعاملات لا يقتضيه … قلنا: إن الصحابة - رضي الله عنهم - استدلوا على فساد العقود بالنهي عنها؛ فاستدلوا على فساد عقود الربا بقوله - عليه السلام -: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل". واحتج ابن عمر - رضي الله عنه - في فساد نكاح المشركات بقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}، وفي نكاح المحرم بالنهي. وفي بيع الطعام قبل قبضه بالنهي. وغير ذلك مما يطول. الثاني: أن النهي عن الشيء يدل على تعلق المفسدة به، أو بما يلازمه؛ لأن الشارع حكيم لا ينهى عن المصالح، إنما ينهى عن المفاسد، وفي القضاء بالفساد إعدام لها بأبلغ الطرق. الثالث: أن النهي عنها مع ربط الحكم بها يفضي إلى التناقض في الحكمة؛ لأن نصبها سببًا تمكين من التوسل، والنهي منع من التوسل. ولأن حكمها مقصود الآدمي، ومتعلق غرضه، فتمكينه منه حث على تعاطيه، والنهي منع من التعاطي ولا يليق ذلك بحكمة الشرع. ثم لا فرق بين كون النهي عن الشيء لعينه، أو لغيره، لدلالة النهي على رجحان ما يتعلق به من المفسدة، والمرجوح كالمستهلك المعدوم". (١) بعد هذا الخلاف الأصولي الذي مر في قاعدة النهي يقتضي الفساد نأتي إلى تطبيقها على حديث المصراة، قال المازري: إذا تقرّر تحريم بيع المصراة، فإنه إذا وقع لم =