للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غشنا فليس منا" (١) أي: ليس على طريقتنا، ولا على منهجنا؛ لأن هذا الدين إنما قام على الصدق والعدل وحسن المعاملة مع الناس جميعًا، والجميع يعلم كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعامل الناس، فجار يضع الأذى في طريقه - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك يفتقده فيعلم أنه مريض - وهو على غير دينه - فيذهب لزيارته ويكتب الله - صلى الله عليه وسلم - له الإسلام على يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢)، فالتصرية نهى عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأن فيها خديعة وغشًّا.

* قولُهُ: (وَالتَّصْرِيَةُ عِنْدَ مَالِكٍ (٣)، وَالشَّافِعِيِّ (٤) عَيْبٌ، وَهُوَ حَقْنُ


= يفسد العقد، وإن كان منهيًّا عنه؛ لأنه عليه السلام قال: "إذا رضيها أمسكها"، والعقد الفاسد ليس للمشتري أن يتمسك به. فإن قيل: فإنه منهي عنه، والنهي يدلّ على فساد المنهي عنه. فمثل هذا ما اختلف فيه أهل الأصول. فمن قال منهم: إن النهي لا يدل على فساد المنهي عنه، قولًا مطلقًا؛ فلا يلزمه أن يُفسِد بيع التصرية. ومن قال: إنه يدل على فساد المنهي عنه، فإنه يقول: إن هذا النهي لا يدلّ على الفساد؛ لأنه قد قام الدليل على إمضاء البيع إذا اختار المشتري التمسك بالمصراة، وهو قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "فإن رضيها أمسكها". انظر: "شرح التلقين" (٢/ ٩٩٠).
(١) سبق تخريجه.
(٢) لم أقف على هذا الحديث، والظاهر أنه موضوع.
(٣) وهو المشهور عن مالك، وحكي عنه خلافه.
يُنظر: "إكمال المعلم" للمازري (٥/ ١٤٥)، وفيه قال: "قال القاضي: اختلف قول مالك في الأخذ بحديث المصراة على ما ورد، فمشهور قولُهُ الأخذ به. وقال: أو آخذ في هذا الحديث رأي، وهو قول الليث، والشافعي، وأبي ثور وأبي يوسف، وابن أبي ليلى في إحدى الروايتين عنه، وفقهاء أصحاب الحديث. ومرة لم يقل به. وقال: ليس بالموطأ ولا الثابت، يريد العمل به، قال: وقد جاء الخراج بالضمان وهو قول أبي حنيفة والكوفيين، وقالوا: هو منسوخ. ورأى مالك أن الأصول تخالفه من الغلة بالضمان، وهو قولُهُ في العتبية. ويختص ابن عبد الحكم واختلافه فيه على اختلاف أصحاب الأصول في تقدمة خبر الواحد على قياس الأصول المتفق عليها، وهو مشهور مذهب مالك وأصحابه، وعامة الفقهاء والأصوليين. أو تقدمة القياس عليها إذا اختلفت الأصول، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه".
(٤) يُنظر: "منهاج الطالبين"، للنووي (ص ١٠٢)، حيث قال: "التصرية حرام تثبت الخيار على الفور. وقيل: يمتد ثلاثة أيام فإن رد بعد تلف اللبن رد معها صاع تمر".
وهو عيب في مذهب الحنابلة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>