للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا أيضًا جاء على خلاف المعروف، يعني على خلاف ما درسناه في البيوع؛ لأن هذا إنسان غش فحبس اللبن في ضرع الشاة أو البقرة أو الناقة، ثم تبين أن ذلك خداع، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - خير المشتري بين واحد من أمرين، إما أن يقبلها بحالها، وإما أن يردها وصاعًا من تمر مقابل ما احتلبه منها، كما جاء في الحديث "الخراج بالضمان" (١). معنى الخراج: الدخل والمنفعة.

قولُهُ تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ} المراد بالخراج: هو المنفعة والدخل (٢).

والقصد من الخراج أن الإنسان إذا كان له مبيع له دخل وريع،


= فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إنْ شَاءَ أمْسَكَهَا وإِنْ شَاءَ رَدَّها وصَاعًا من تَمْرٍ". مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي وجماعة بألفاظ ليس في شيء منها ذكر البقر، بل كلهم قالوا: "لا تُصَرُّوا الإبل ولا الغنم" الحديث.
ثانيًا: هذا اللفظ الذي ذكره المؤلف قريب مما أخرجه البيهقي في الكبرى (٥/ ٥٢٤) عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا تصروا الإبل، والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فإنه بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعًا من تمر".
وأخرج مسلم نحوه (١٥٢٤/ ٢٦) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعًا من تمر، لا سمراء".
(١) أولًا: سيذكر الشيخ تخريج هذا الحديث.
ثانيًا: يقصد الشيخ من هذا أن المعروف في البيوع أن من اشترى شيئًا ثم وقف على عيب فيه فإنه يرده على البائع وإن استعمله أو أخذ من خراجه؛ كمن استخدم عبدًا ثم وجد فيه عيبًا، فإنه يرده على البائع من غير أن يرد عليه شيئًا مما انتفع به؛ لأن المشتري كان ضامنًا للسلعة، فإذا ماتت كانت من ماله، أما في مسألة المصراة فإن المشتري مع وقوفه على هذا العيب في البيع إلا أنه مطالب برد مقابل ما حصل عليه من اللبن بصاع من تمر. وهذه المعارضة في الظاهر، وهو إشكال سيأتي الرد عليه.
(٢) "الخراج: هو كل ما خرج من شيء وحصل من نفعه؛ فخراج الشجر ثمرها، وخراح الحيوان نسلها ودرها. والخراج والخرج أيضًا بمعنى الأجرة والعمالة، قَالَ الله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} أي: ثواب الله خير". انظر: "غريب الحديث"، للخطابي (٢/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>