للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه يستفيذ، يأخذ ريعه وغلته مقابل أنه ضامن لأصله فيما لو تلف، كالبائع في مثل هذه الحالات (١)، والخراج بالضمان هو نص حديث صحيح (٢)، وقد أخذه العلماء بنصه قاعدة فقهية، فكان من القواعد الفقهية، والقاعدة إما أن تستنبط من آية، كقاعدة (المشقة تجلب التيسير)، حيث إنها أخذت من عموم قول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر}، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} ومن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يسروا ولا تعسروا" (٣)، والأحاديث كثيرة، وإما أن تكون نص حديث كما في هذه القاعدة: الخراج بالضمان، وإما أن تكون مأخوذة بلفظ قريب من حديث، كقاعدة: (الضرر يزال) (٤) فهي مأخوذة


(١) قال أبو عبيد: في حديث النَّبي عليه السلام أنه قضى أنَّ الخراج بالضَّمانِ. معناه - والله أعلم - الرجل يَشتري المملوك فيستغله ثمَّ يجد به عيبًا كان عند البائع يقضي أنَّه يرد العبد على البائع بالعيب ويرجع بالثمن فيأخذه وتكون له الغلة طيبَة، وهي الخراج، وإنَّما طابت له الغلَّة؛ لأنَّه كان ضامنًا للعبد لو مات مات من مال المشتَري لأنَّه في يده، وهذا مفسَّرٌ في حديثٍ لشريح فِي رجل اشْترى من رجل غُلامًا فأصاب مِن غَلَّته ثم وجد به داءً كَان عند البائع، فخاصمه إِلى شُريح، فقال: رُدَّ الدَّاءَ بدائه ولك الغلَّة بالضَّمان. انظر: "غريب الحديث" (٣/ ٣٧).
(٢) سيأتي تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٦١٢٥)، ومسلم (١٧٣٤) عن أنس بن مالك، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا". وأخرجه البخاري (٦٩) أيضًا، عن أنس بن مالك، بلفظ: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا، ولا تنفروا".
(٤) "ومعناها: بأنه لا يضر الرجل أخاه ابتداء ولا جزاء". انظر: "غمز عيون المسائل" للحموي (١/ ٢٧٤).
وقال السيوطي: "القاعدة الرابعة: الضرر يزال أصلها فوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه مالك في الموطأ … اعلم أن هذه القاعدة ينبني عليها كثير من أبواب الفقه من ذلك: الرد بالعيب، وجميع أنواع الخيار: من اختلاف الوصف المشروط، والتعزير، وإفلاس المشتري، وغير ذلك، والحجر بأنواعه، والشفعة، لأنها شرعت لدفع ضرر القسمة. والقصاص، والحدود، والكفارات، وضمان المتلف، والقسمة، ونصب الأئمة، والقضاة، ودفع الصائل، وقتال المشركين، والبغاة، وفسخ النكاح بالعيوب، أو الإعسار، أو غير ذلك، وهي مع القاعدة التي قبلها متحدة، أو متداخلة". انظر: "الأشباه والنظائر" (ص ٨٣ - ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>