للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العيب وإخفاؤه، وهذا لا يجوز (١)، ولذلك أنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صاحب الطعام الذي جاءه الرسول فأدخل يده في الطعام فأخرجها فوجد بللًا في أسفلها، قال: "ما هذا يا صاحب الطعام"؟ قال: أصابه المطر. قال: "هلا أظهرته حتى يراه الناس ويعرفوه" (٢)، كما قال - صلى الله عليه وسلم -، فهذا عيب وغش، ولا يلتقي مع روح الإسلام.

* قولُهُ: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَيْسَتِ التَّصْرِيَةُ عَيْبًا لِلاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اشْتَرَى شَاةً فَخَرَجَ لَبَنُهَا قَلِيلًا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبٍ (٣)).

يعني لو اشترى شاة فسال من ضرعها شيء من اللبن لا يعتبر، فهذا كذاك، لكن نقول: هذا خلاف هذا، تلك مقصودة، وهي عيب قصد البائع به أن يغش، وأن يخدع المشتري.


= الفحول"، للشوكاني (١/ ١٥٠ - ١٥١). وانظر: "تدريب الراوي" للسيوطي (١/ ٢٥٦) وما بعدها.
(١) "الدَّلَسُ": السّواد والظلمة. وَفُلَان لَا يُدالس وَلَا يُوالس، قَالَ: لَا يدالس وَلَا يظلم، وَلَا يوالس: أَي: لَا يخون لَا يُوارِب. وَقَالَ شَمر: المُدالسةُ: إِذا باعَك شَيْئا فَلم يُبَيِّنْهُ لَك، يُقَال: دلّس لي سِلعةَ سَوْء. واندلس الشَّيء: إِذا خَفِي. ودلّسْتُه فتدلَّس، وتَدلُّسُه أَلا يشْعر بِهِ. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: دلّس فِي البيع وَفِي كل شَيء: إِذا لم يبيّن عَيْبَه. قلت: ومِنْ هَذَا أُخِذ التدليسُ فِي الْإِسْنَاد، وَهُوَ أَن يُحدِّث بِهِ عَن الشَّيْخ الْأَكْبَر وَقد كَانَ قد رَآه، وإِنَّمَا سَمعه عَمَّن دونه مِمَّن سَمعه مِنْه، وَقد فعل ذَلِك جماعةٌ من الثِّقات. والدُّلْسةُ: الظلمَة. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (١٢/ ٢٥٢، ٢٥٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٠٢)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟ " قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: "أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني".
(٣) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٣/ ٣٨)، حيث قال: "لو اشترى ناقة فوجدها مصراة وهي التي سد البائع ضرعها حتى اجتمع اللبن فيه فصار ضرعها كالصراة، وهي الحوض فليس له أن يردها، والتصرية ليست بعيب عندنا". وانظر: "حاشية ابن عابدين" (٤/ ٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>