للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَالْعِوَضُ هَاهُنَا مَحْدُودٌ (١). وَلَكِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ هَذه الْأُصُولِ كلِّهَا لِمَوْضِعِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ).

أحسن المؤلف حيث بين أن كل هذه الاعتراضات التي أوردت موضع تقدير واحترام، وهي معارضة ظاهرًا، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة (٢)، والمزابنة أن تبيع الرطب على رؤوس النحل بالتمر على الأرض (٣)، ثم نجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا بشروط معروفة (٤)، ونحن نرى أن السلم (٥) أيضًا ظاهره أنه جاء على خلاف


(١) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (١/ ٢١٣)، وفيه قال: "ومما ترده الأصول من الأخبار: خبر المصراة إذا استعمل على ما ذهب إليه المخالف؛ لأنه يوجب أن من اشترى شاة بصاع تمر، ثم حلبها، ثم وقف على التصرية، أنه يردها ويرد معها صاع تمر، وحصة اللبن أقل من صاع تمر، وهذا رد للأصول من وجهين؛ أحدهما: إلزام لمشتري أكثر مما لزمه من الغرم. والثاني: أنه يأخذ صاعًا عن أقل منه".
وأجيب عن هذا: بأن هذا أمر تقديري حُكِمَ به لرفع التخاصم في ذلك لكثرة تردده، فحكم في عوض ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يرفع الخصام، ويحسم الدعاوى، وهو صاع لأنه أمر مقدر، كما أن هذا له نظائر في الشرع، من ذلك حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بغرة؛ لما كان لا يتميز غالبًا ذكرُه من أنثاه؛ سواء كان الجنين ذكرًا أو أنثى، ولو كان حيًّا لكان في الأنثى نصف دية الآخر، وقضى في جنين الأمة بعشر قيمة أمه، ولو ولدت الجنينين لتفاوتت قيمتهما. انظر: "المنتقى شرح الموطإ" (٥/ ١٠٦).
وقد ذكر القدوري غير ذلك من الأدلة وإشكالات المخالف التي قام بالرد عليها.
انظر: التجريد، للقدوري (٥/ ٢٤٣٦ - ٢٤٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٧١)، ومسلم (١٥٤٢) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة، والمزابنة: بيع الثمر بالتمر كيلًا، وبيع الزبيب بالكرم كيلًا".
(٣) "المزابنة وهي بيع التمر على رؤوس النخيل بالتمر كيلًا سميت بها لتدافع العاقدين عند القبض". انظر: "طلبة الطلبة"، للنسفي (ص ١٥٠).
(٤) أخرج البخاري (٢٣٨٣)، ومسلم (١٥٤٠) عن سهل بن أبي حثمة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة بيع الثمر بالتمر، إلا أصحاب العرايا، فإنه أذن لهم".
(٥) "السلم": هو بيع معلوم في الذمة محصور بالصفة بعين حاضرة أو ما هو في حكمها إلى أجل معلوم. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>