للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراده أن يكون العيب الذي يحصل في المبيع قد حصل عند البائع له، وإذا طرأ العيب عند المشتري وقد قبض سلعته وتسلمها، فإنه لا يكون البائع مسؤولًا عن ذلك، إلا ما سيأتي في مسائل يخالف فيها المالكية غيرهم.

* قولُهُ: (أَوْ فِي الْعُهْدَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهَا).

إذا لم يشترط البائع البراءة من العيوب فهناك ما يعرف عند المالكية بالعهدة (١)، وهم يقسمون العهدة إلى قسمين: عهدة يحصرونها بأيام ثلاثة كما مر، أو كما سيأتي بالنسبة للخيار، هذه العهدة التي يجعلون لها مدة محددة بأيام ثلاثة هي عهدة الرقيق. وهناك عهدة السنة، وهذه تكون في نوع من الأمراض، وهي التي يعبر عنها الفقهاء بالداء العضال، وذلك في الأمراض الثلاثة: الجذام والجنون والبرص (٢)، وهذه مسألة انفرد بها


(١) "العهدة": هي تعلق المبيع بضمان البائع وكونه مما يدركه من النقص على وجه مخصوص مدة معلومة، وذلك أن البيع فيما فيه العهدة لازم لا خيار فيه، ولكنه مترقب مراعى، فإن سلم في مدة العهدة علم لزومه للمبتاع والبائع جميعًا، وإن أصابه نقص علم لزومه للبائع وثبت الخيار للمبتاع في إمضائه أو رده كعيب دلس به البائع لا يعلم براءته من التدليس بالعيب الذي ظهر في مدة العهدة، وهي مضافة إلى ملكه، لما تعلقت التهمة به من التدليس، وهي مغلبة على تجويز براءته، ولذلك حكمنا عليه بالرد بالعيب إذا وجد في مدة ملكه، وإن كنا لا نعلم أنه دلس به. انظر: "المنتقى شرح الموطإ"، للباجي (٤/ ١٧٣).
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٦/ ٢٧٩)، وفيه قال: "قال ابن وهب وأخبرنا ابن سمعان، قال: سمعت رجالًا من علمائنا منهم يحيى بن سعيد الأنصاري يقولون: لم تزل الولاة بالمدينة في الزمن الأول يقضون في الرقيق بعهدة السنة في الجذام والجنون والبرص إن ظهر بالمملوك شيء من ذلك قبل أن يحول الحول عليه فهو راد على البائع، ويقضون في عهدة الرقيق بثلاث ليال، فإن حدث في الرأس في تلك الليالي الثلاث جدت من موت أو بعض فهو من البائع، وإنما كانت عهدة الثلاث من أجل حمى الربع؛ لأنها لا يتبين إلا في ثلاث ليال". وانظر: "المدونة"، لابن القاسم (٣/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>