للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَيجِبُ هَاهُنَا أَنْ نَذْكرَ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي الْعُهْدَةِ، فَنَقُولُ: انْفَرَدَ مَالِكٌ).

المؤلف نبه إلى أن الإمام مالكًا انفرد من بين الأئمة، لكن الإمام مالك رحمه الله لم ينفرد بالقول، بل وافقه سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ومحمد بن شهاب الزهري، وافقه جمع من أكابر العلماء، لكنه انفرد عن أصحابه، أو عن بقية الأئمة الأربعة (١).

قد يقول قائل: لماذا ينفرد مالك عن الأئمة؟

سيأتي بعد قليل إن شاء الله ما يذكره المؤلف من دليل، لكن الخلاف في تصحيح ما احتج به المالكية، هل هو صحيح أم لا؟ لقد ردَّه بقية الأئمة؛ لأنه لم يصح، وأخذ به مالك؛ لأنه وافق إجماع أو قول أهل المدينة (٢)، ومعلوم أن إجماع أهل المدينة حجة عند المالكية (٣)، وليس


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٢٧٨، ٢٧٩) حيث قال: "ذكر ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، قال قضى عمر بن عبد العزيز في رجل باع من رجل عبدًا فهلك العبد في عهدة الثلاث فجعله عمر من مال البائع، وذكر عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول في العهدة في كل داء عضال الجذام والجنون والبرص: سنة. قال ابن شهاب والقضاة قد أدركنا يقضون بذلك".
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٦/ ٢٧٩)، حيث قال: قال ابن وهب وأخبرنا ابن سمعان قال: سمعت رجالًا من علمائنا منهم يحيى بن سعيد الأنصاري يقولون لم تزل الولاة بالمدينة في الزمن الأول يقضون في الرقيق بعهدة السنة في الجذام والجنون والبرص إن ظهر بالمملوك شيء من ذلك قبل أن يحول الحول عليه فهو راد على البائع، ويقضون في عهدة الرقيق بثلاث ليال، فإن حدث في الرأس في تلك الليالي الثلاث جدت من موت أو بعض فهو من البائع، وإنما كانت عهدة الثلاث من أجل حمى الربع؛ لأنها لا يتبين إلا في ثلاث ليال، وحكى أبو الزناد عن الفقهاء السبعة وعن عمر بن عبد العزيز عهدة الثلاث.
(٣) يُنظر: "بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب"، لشمس الدين الأصفهاني (١/ ٥٥٥)، حيث قال: "إجماع المدينة من الصحابة والتابعين حجة عند مالك. وقيل: =

<<  <  ج: ص:  >  >>