للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصده أن العيوب التي تطرأ ويكتشفها المشتري ويكون البائع قد دلس عليه فيها، فإن له الحق أن يرجع عند ذلك، وهذا معروف لا يخالف فيه الأئمة، فإذا وجد عيب قد غطاه البائع وعلم أنه لا يمكن أن يكون قد حدث، كأن يكون جرح قد اندمل ومضى عليه وقت طويل، فهذا لا يمكن أن يقال إنه حصل عند المشتري؛ لأنه يعلم أنه مر عليه وقت طويل، إذن فهذا شيء أخفاه البائع عن المشتري فيطالب به (١).

* قولُهُ: (وَاقِعَةٌ فِي أَصْنَافِ الْبُيُوعِ فِي كُلِّ مَا الْقَصْدُ مِنْهُ الْمُمَاكسَةُ وَالْمُحَاكرَةُ).

المراد بالمماكسة: أن يبذل المشتري كل ما يستطيع في محاورته ومفاوضته للبائع حتى يقلل له من ثمن السلعة، الناس يختلفون، فبعض الناس يأتي ويقول: أعطني السلعة. لكن كثيرًا من الناس إذا أرادوا أن يشتروا فإنهم يماكسون، يبذلون جهدهم لكي يقلل لهم البائع من قيمة السلعة.

والمحاكرة: هي حبس السلعة (٢)، كأمثال الذين يحتكرون السلع حتى يأتي وقت من الأوقات ترتفع أسعارها فيخرجونها ليبيعوها الناس بأسعار عالية، والاحتكار فيه كلام معروف للعلماء (٣).


(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٦/ ٢٧٨) حيث قال: "قال مالك: ومن باع عبدًا أو وليدة من أهل الميراث أو غيرهم بالبراءة فقد برئ من كل عيب ولا عهدة عليه إلا أن يكون علم عيبًا فكتمه، فإن كان علم عيبًا فكتمه لم تنفعه البراءة، وكان ذلك البيع مردودًا".
(٢) "الاحتكار: هو الادخار للمبيع، وطلب الربح بتقلب الأسواق، فأما الادخار للقوت فليس من باب الاحتكار". انظر: "المنتقى شرح الموطإ"، للباجي (٥/ ١٥).
(٣) يُنظر: "أختلاف الأئمة العلماء" لابن هبيرة: (١/ ٤١٣ - ٤١٤) حيث قال: "اتفقوا على كراهية الاحتكار، واختلفوا في صفته، فقال أبو حنيفة: الممنوع منه أن يبتاع طعامًا من مصر أو من مكان قريب من المصر يحمل طعامه إليه المصر وذلك مصر صغير يضر به هذا. فإن كان مِصْرًا كبيرًا لا يتضرر بذلك ولم يمنع منه. وقال مالك: لا يجوز احتكار ما يفيد بالمسلمين في أسواقهم من الطعام وغيره. وقال أحمد: هو=

<<  <  ج: ص:  >  >>