للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قولُهُ: (وَفَرَّقَ مَالِكٌ، فَقَالَ: يُنْظَرُ فِي الْمَعِيبِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَالْمَقْصُودَ بِالشِّرَاءِ رَدَّ الْجَمِيعَ) (١).

وجه الصفقة يعني عينها، وأهم ما فيها، فالصفق قد تكون مشتملة على أنواع عدة، أنت تشتري مثلًا أنواعًا من الكماليات كالبطانيات، وهي مختلفة فبعضها ذات أسعار عالية، وهي قيمة وجيدة الصنع، وبعضها دون ذلك بكثير، فإذا لم يكن الخلل في وجهها، أي: في ذات القيمة المهمة منها فلا أثر له، أما لو كان في وجه السلعة أي: واجهتها التي تواجه بها، فحينئذ يحصل العيب، هذا عند مالك.

وهذا يسمى عند المالكية استحسانًا، والمالكية - كما هو معلوم - يأخذون بالاستحسان (٢)، بل كل العلماء يأخذون به حتى الشافعية، وما قيل


= يُنظر: "المبدع في شرح المقنع" لابن مفلح (٤/ ٩٧): " (وإن كان أحدهما معيبًا) وأبى أخذ الأرش (فله رده بقسطه من الثمن) جزم به في "الوجيز"؛ لأنه رد للمبيع المعيب من غير ضرر على البائع، كما سبق (وعنه: لا يجوز له إلا ردهما أو إمساكهما) لأن في رد المعيب وحده تبعيضًا للصفقة على البائع، فلم يكن له ذلك، كما لو كان المبيع مما ينقص بالتفريق، ولم يرجح في "الفروع" شيئًا".
(١) قال ابن القاسم: "قلت: ما قول مالك فيمن اشترى من رجل حيوانًا ورقيقًا وثيابًا وعروضًا كل ذلك صفقة واحدة فأصاب ببعض ذلك عيبًا؟ قال: قال مالك: إن أصاب بأرفع تلك السلع عيبًا ويعلم أنه إنما اشترى تلك السلع لمكان تلك السلعة وفيها كان يرجو الفضل ومن أجلها اشترى تلك السلع رد ذلك البيع كله إلا أن يشاء المشتري أن يحبس ذلك كله". انظر: "المدونة" (٣/ ٣٥)، و"التاج والإكليل" للمواق (٦/ ٣٨٤).
(٢) قال ابن العربي: "والاستحسان عندنا وعند الحنفية هو العمل بأقوى الدليلين". انظر: "أحكام القرآن" (٢/ ٢٧٨).
وقال الباجي في تبيين معنى الاستحسان عند المالكية: "وما قاله أشهب أنه استحسان وليس بقياس إنما يريد بالاستحسان التخصيص بعرف الاستعمال، والقياس عنده حمل اللفظ على عمومه، وإنما ذكرت ذلك ليعرف مقصده في الاستحسان والقياس". "المنتقى شرح الموطإ" (٦/ ١٧٧). وانظر في تفصيل القول في: "المحصول" لابن العربي (ص ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>