للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن حزم صاحب كتاب "المحلى" - وهو كتاب معروف - لكن صاحبه عُرف بشدة عباراته وقسوة ألفاظه في مناقشة مذاهب العلماء؛ لكنه ضمَّن كتابه "المحلى" فوائد عظيمة، وإذا قرأه طالب العلم المتمكن العارف بأصول المسائل وجرد نفسه من التعسف فلا شك أنه سيستفيد منه، فهو من المراجع المفيدة لطالب العلم.

قوله: (وشذ أبو محمد بن حزم): ابن حزم رَحِمَهُ اللهُ شذ في بعض المسائل؛ منها على سبيل المثال في غير باب البيوع مذهبه في الاستلقاء بعد ركعتي الفجر، حيث ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي ركعتي الفجر في بيته ثم يستلقي، ثم تقام الصلاة ويصلي (١).

إذًا أداؤهما في البيت أفضل، لكن ابن حزم يرى أن الاستلقاء واجب، ولو لم يستلقِ الإنسان بعد الركعتين يكون تاركًا لواجب (٢).

وهذا تشدد؛ لأنَّ الأصل أن الركعتين ليستا بواجبتين فلو لم يصلِّهما الإنسان لم يكن آثمًا لكنه ترك سُنَّة مؤكدة.


= رجل دابة فسافر عليها، فلما رجع وجد بها عيبًا فخاصمه إلى شريح، فقال له: أنت أذنت له في ظهرها. قال أبو محمد بن حزم: وقول الحكم هذا هو قول عثمان البتي، وهو أحد أقوال الشافعي، وهو قول قد روي عن شريح أيضًا، وهو قولنا".
(١) أخرجه البخاري (١١٦٠)، ومسلم (٧٤٣) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن".
(٢) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٢/ ٢٣٠)، وفيه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن " … وحكم الناسي هاهنا كحكم العامد؛ لأن من نسي عملًا مفترضًا من الصلاة والطهارة، فعليه أن يأتي به؛ لأنه لم يأتِ بالصلاة كما أمر … فإن أدرك إعادة الصلاة في الوقت لزمه أن يضطجع ويعيد الفريضة، وإن لم يقدر على ذلك إلا بعد خروج الوقت لم يقدر على الإعادة لما ذكرنا قبل، ولا يجزئه أن يأتي بالضجعة بعد الصلاة؛ لأنه ليس ذلك موضعها؛ ولا يجزئ عمل شيء في غير مكانه، ولا في غير زمانه، ولا بخلاف ما أمر به؛ لأن هذا كله هو غير العمل المأمور به على هذه الأحوال".

<<  <  ج: ص:  >  >>