للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُفَرِّطًا فِي أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْلِمِ الْعَيْبَ، وَيَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي، أَوْ يَكُونُ عَلِمَهُ فَدَلَّسَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي) (١).

رجح الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ جانب، المشتري في هذه المسألة؛ لأن البائع إما أنه قصَّر في طلب معرفة العيب والبحث عنه، أو أنه عرفه فكتمه فيكون آثمًا، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" (٢)، ولذلك كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتاب في المبايعة التي تمت بينه وبين العدَّاء بن خالد: "بيع المسلم للمسلم" (٣) يعني المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذب عليه، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن من الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل باع سلعة بعد العصر وحلف بالله كاذبًا، ورجل حلف بالله أنه أعطى بهذه السلعة أكثر مما أعطى" (٤). فلتكن على ذكر وحذر.


(١) يُنظر: "شرح التلقين" للمازري (٢/ ٦٢٢) حيث قال: " … فالبائع يلحقه الضرر إذا رد عليه ما باعه وقد تغيَّر، وعوض النقص ليس هو عين النقص، فكأن المردود ليس بعين ما باع. وكذلك المشتري يلحقه الضرر إذا أمسك المعيب وغرم عوض النقص؛ لأنَّه لم يدخل على ذلك. فإذا تقابل الضرران، رُجِّحَ أحدهما على الآخر. فرجَّح مالك جانب المشتري بما قدَّمناه من كون البائع متعمدًا للتدليس أو مفرطًا في ترك الكشف عن العيب، فكان أولى بأن يحمل عليه فترد سلعته إليه".
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).
(٣) أخرجه الترمذي (١٢١٦) وغيره، عن عبد المجيد بن وهب قال: "قال لي العداء بن خالد بن هوذة: ألا أقرئك كتابًا كتبه لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: قلت: بلى. فأخرج لي كتابًا: "هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اشترى منه عبدًا أو أمة، لا داء ولا غائلة ولا خبثة، بيع المسلم المسلم"". وحسنه الألباني في "المشكاة" (٢٨٧٢).
(٤) أخرجه البخاري (٢٦٧٢)، ومسلم (١٠٨) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بطريق، يمنع منه ابن السبيل، ورجل بايع رجلًا لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه ما يريد وفَّى له وإلا لم يفِ له، ورجل ساوم رجلًا بسلعة بعد العصر، فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا فأخذها".

<<  <  ج: ص:  >  >>