للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفوا في ذَلكَ على قَوْلين:

القَوْل الأوَّل: أنَّ الطهارة بالتيمم لا تكون بدلًا عن الطهارة من الجنابة.

واشتهر هذا عن عُمَر وابن مَسْعُودٍ - رضي الله عنهما -، وحكى بعض العلماء رجوعهما (١)، لأنه لم يُفرَّق بين بدل الغسل والوضوء، ولإنكار النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - التمرُّغ، ولأن التمرُّغ فيه بعض الحرج، فلا يصلح رافعًا للحرج بالكلية.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: الاحْتِمَالُ الوَارِدُ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ، وَأَنَّهُ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُمُ الآثَارُ الوَارِدَةُ بِالتَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ، أَمَّا الاحْتِمَالُ الوَارِدُ فِي الآيَةِ، فَلِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]، يُحْتَمُلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ الَّذِي فِيهِ عَلَى المُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ فَقَطْ (٢)، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِمَا مَعًا (٣)، لَكِنْ مَنْ كَانَتِ المُلَامَسَةُ عِنْدَهُ فِي الآيَةِ الجِمَاعَ، فَالأَظْهَرُ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَمَنْ كَانَتِ المُلَامَسَةُ عِنْدَهُ هِيَ اللَّمْسَ بِاليَدِ، أَعْنِي فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣]، فَالأَظْهَرُ أَنَّهُ يَعُودُ الضَّمِيرُ عِنْدَهُ عَلَى المُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ فَقَطْ، إِذْ كَانَتِ الضَّمَائِرُ إِنَّمَا يُحْمَلُ أَبَدًا عَوْدُهَا عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ إِلَّا أَنْ يُقَدَّرَ فِي الآيَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا حَتَّى يَكُونَ تَقْدِيرُهَا هَكَذَا: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا إِذَا قُمْتُمْ


(١) يُنظر: " المجموع " للنووي (٢/ ٢٠٨)؛ حيث قال: " قال ابن الصباغ وغيره: وقيل: إنَّ عمر وعبد الله رجعا ".
(٢) يُنظر: " المجموع " للنووي (٢/ ٢٠٨)؛ حيث قال: " واحتج لمن منعه بأن الآية فيها إباحته للمحدث فقط ".
(٣) يُنظر: " المجموع " للنووي (٢/ ٢٠٨)؛ حيث قال: " واحتج أصحابنا والجمهور بقول الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلى قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ثم قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، وهو عائد إلى المحدث والجنب جميعًا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>