للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى الصَّلَاةِ، أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ، أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ، فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ، وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ، وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا"، وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَارَ إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَإِنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّاْخِيرَ مَجَازٌ، وَحَمْلُ الكَلَامِ عَلَى الحَقِيقَةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى المَجَازِ، وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ فِي الآيَةِ شَيْئًا يَقْتَضِى تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، وَهُوَ أَنَّ حَمْلَهَا عَلَى تَرْتِيبِهَا يُوجِبُ أَنَّ المَرَضَ وَالسَّفَرَ حَدَثَانِ، لَكِنَّ هَذَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ إِذَا قُدِّرَتْ " أَوْ " هَاهُنَا بِمَعْنَى الوَاوِ، وَذَلِكَ مَوْجُود فِي كَلَامِ العَرَبِ فِي مِثْلِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَكَانَ سِيَّانِ أَلَّا يُسَرِّحُوا نَعَمًا … أَوْ يُسَرِّحُوهُ بِهَا وَاغْبَرَّتِ السَّرحُ

فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ: سِيَّانِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَهَذَا هُوَ أَحَدُ الأَسْبَاب الَّتِي أَوْجَبَتِ الخِلَافَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ).

استدلَّ الذين منعوا أن يكون التيمم بدلًا عن الغسل بأنَّ الآية ليس فيها إلا إباحته للمُحْدث فقط.

وقال الجمهور: " إنَّ الضمير في قوله سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، يعود على المحدث والجنب معًا ".

* قوله: (وَأَمَّا ارْتِيَابُهُمْ فِي الآثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي هَذَا المَعْنَى فَبَيِّنٌ مِمَّا خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ: " أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ - رضي الله عنه - فَقَالَ: أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ المَاءَ، فَقَالَ: لَا تُصَلِّ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدِ المَاءَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ فَصَلَّيْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ، ثُمَّ تَنْفُخَ فِيهِمَا، ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ، فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>