للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرُ: اتَّقِ اللهَ يَا عَمَّارُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ" (١). وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: " أَنَّهُ قَالَ لَهُ عُمَرُ: نُوَلِّيكَ مَا تَوَلَّيْتَ" (٢)، وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: "كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبَ، فَلَمْ يَجِدِ المَاءَ شَهْرًا، كَيْفَ يَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِأَبِي مُوسَى: لَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ شَهْرًا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ المَائِدَةِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ لَأَوْشَكَ إِذَا بَرُدَ عَلَيْهِمُ المَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى لِعَبْدِ اللهِ: أَلَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ عَمَّارٍ؟ وَذَكَرَ لَهُ الحَدِيثَ المُتَقَدِّمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ " (٣)؟).

وَاعْلَمْ أنَّ قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: " لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ، لَأَوْشَكَ إِذَا بَرُدَ عَلَيْهِمُ المَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ "، فيه دَليلٌ على أنَّ الصَّحَابةَ - رضي الله عنهم - كانوا مُتَّفقينَ على أنَّ الآيةَ تَدلُّ علَى جَوَاز التَّيمُّم للجُنُب.

* قوله: (لَكِنَّ الجُمْهُورَ رَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ الحُصَيْنِ، خَرَّجَهُمَا البُخَارِيُّ، وَإِنَّ نِسْيَانَ عُمَرَ لَيْسَ مُؤَثِّرًا فِي وُجُوبِ العَمَلِ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ).

فَصَّل العُلَماء القولَ فيما رَوَاه الصحابيُّ، وذكروا من ذلك ما لو تحققنا نسيانه لروايته، فلا خلاف في أنَّ النسيان ليس مؤثِّرًا في العمل بروايته تلك.


(١) أخرجه مسلم (٣٦٨).
(٢) أخرجها مسلم أيضًا (٣٦٨).
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>