للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجهة نظره رَحِمَهُ اللهُ أن هذا العيب حدث من عند الله؛ لكن حدث عند البائع، إذن فهو الذي يتحمله لأنه هو الذي حصل عنده العيب.

* قوله: (وَأَمَّا الْعُيُوبُ الَّتِي فِي النَّفْسِ كَالْإِبَاقِ (١) وَالسَّرِقَةِ، فَقَدْ قِيلَ فِي الْمَذْهَبِ: إِنَّهَا تُفِيتُ الرَّدَّ كَعُيُوبِ الْأَبْدَانِ، وَقِيلَ: لَا (٢)).

ذكر المؤلف سابقًا العيوب التي تحصل في المبيع ولم يورد السرقة ولا الإباق؛ وإنما ذكر عيوبًا أخرى كالجذام والبرص ومثله الصمم، أو فَقْد حاسة من الحواس، أو مثل زيادة إصبع أو نقصه، إلى غير ذلك من العيوب الكثيرة التي سبق ذكرها.

كذلك أيضًا لو زنى أو شرب خمرًا فهذه أمور لا شك أنها مخلة بالنفس وبالخُلق، ولذلك اختلف العلماء في آثارها على عدة أقوال:

فمنهم من قال: إن حصلت السرقة، ومثلها الإباق أو البول على الفراش في سن الصغر فلا تأثير لها، فإن الصغير لا يدرك (٣).


= وينظر أيضًا: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٥٨٧، ٥٨٨) حيث قال: "فوت المعيب بموت، أو عتق، أو إيلاد، أو تلف، أو فوت بعضه، فإن أصحابنا قالوا: ليس له الإمساك، ولا يرجع بشيء. وهو قول قتادة، رويناه من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة قال: لا عهدة بعد الموت إذا ماتت جاز عليه، وهو قول شريح، والحسن البصري".
(١) أَبقَ الغُلامُ يأبِق أبَقًا وأبْقًا، وأبِقَ يأبَق أبَقًا: إِذا هرب، والاسمُ الإِباق، فهو آبِق.
انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد.
(٢) يُنظر: "البيان والتحصيل" لأبي الوليد بن رشد (٨/ ٣١٩)، وفيه قال: "ذهب ابن حبيب إلى أن العبد إذا زنى أو شرب أو سرق، فوجد به المبتاع عيبًا أنه ليس عليه أن يرد معه ما نقصه عيب الرنا والسرقة والشرب؛ بخلاف عيوب البدن، وأما في " المدونة " فلم يفرق في ذلك بين عيوب البدن والأخلاق، وقال: إنه يرد معها ما نقصها عيب النكاح، وإن لم يكن لذلك في البدن تأثير، فإنما يكون له أن يرده إذا حمل الجناية خطأ، وأما إن كانت عمدًا فلا يرده وإن حمل الجناية عنه حتى يرد معه ما نقصه عيبها، فظاهر هذه الرواية يحملها على عمومها في العمد والخطأ مثل ما ذهب إليه ابن حبيب في "الواضحة" خلاف ما يحمل عليه ما في "المدونة"".
(٣) هذا القول يشبه قول الحنابلة أنهم فرقوا بين الصغير والمميز؛ فإن كان صغيرًا فلا شيء عليه، كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>