للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الثوري (١) وإسحاق بن راهويه (٢): إلى أنه لا اعتبار لهذه الأمور إلا بالبلوغ؛ لأن هذا هو سن التكليف، فعند هذه السن يقام عليه الحد وتطبق عليه أحكام الشريعة فيما يتعلق بترك الصلاة والصيام وغيرها.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق" (٣).

وهذا لم يبلغ فكيف نقول بأنها تؤثر في قيمته ويكون مؤاخذًا بها أيضًا، فإذا اعتبرنا هذه الأمور كان ذلك وضعًا للقلم عليه، وهو يخالف ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

* قوله: (فَقَدْ قِيلَ فِي الْمَذْهَبِ: إِنَّهَا تُفِيتُ الرَّدَّ … إلخ)، تفيت من فات يفوت؛ يعني يفوت بها الرد، وهذا مذهب مالك رَحَمِهُ اللهُ.

* قوله: (وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إِذَا ارْتَفَعَ بَعْدَ حُدُوثِهِ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الرَّدِّ إِلَّا أَنْ لَا تُؤْمَنَ عَاقِبَتُهُ).

مراد المؤلف رَحَمِهُ اللهُ أنه قد يظهر عيب عند المشتري، وكان هذا العيب موجودًا أصلًا عند البائع؛ لكن المشتري لم يقف عليه إلا بعد أن تمت الصفقة وقبض المبيع، فاشترط المؤلف أن يكون هذا العيب قد زال،


(١) ينظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ١١٦) حيث قال: "وأما السرقة، والإباق، والبول في الفراش، فهي عيوب في الكبير الذي جاوز العشر. وقال الثوري وإسحاق: ليس بعيب فيه حتى يحتلم؛ لأن الأحكام تتعلق به، من التكليف ووجوب الحدود ببلوغه، فكذلك هذا".
(٢) يُنظر: "مسائل الإمام أحمد وإسحاق" للكوسج (٦/ ٢٨٥٢، ٢٨٥٣) حيث قال: " قلت: الصبي يسرق ويشرب الخمر، ويأبق؟ قال: لا يرد منه إلا أن يكون محتلمًا. قال أحمد: ما جاز على عشرة فهو عيب يرد منه. قال إسحاق: لا نرى ذلك حتى يكون احتلامٌ، أو إنباتُ شعرٍ، أو خمس عشرة سنة".
(٣) أخرجه أبو داود (٤٤٠٣) عن عليٍّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" (٣٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>