للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عتاب بن أسيد) أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - حاكمًا على أهل مكة، وكان من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرسل أميرًا أوصاه بتقوى الله سبحانه وتعالى، ورسم له الطريق الذي ينبغي أن يسير عليه، وبين له المنهج الذي ينبغي أن يعمل به والطريق السوي الذي ينبغي أن يسير عليه في أحكامه عليه، كما في قصة إرساله معاذًا إلى اليمن (١)، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون كما في وصية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - العظيمة إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - لما أرسله إلى العراق (٢).


= ما لم يقبض عام دخله الخصوص في غير المبيع من الصداق وغيره، وظهر أن المراد: النهي عن البيع مع بقاء الغرور في الملك المطلق للتصرف، وذلك في المنقول دون العقار، وقد بيناه في البيع وعن ربح ما لم يضمن هو في معنى هذا، فإن المبيع قبل القبض ليس في ضمان المشتري فما يحصل فيه من الربح لا يطيب له، وزاد في بعض الروايات عن بيع ما ليس عنده؛ يعني ما ليس في ملكه".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ٢٢١)، وفيه قال: "والمبيع قبل القبض غير مضمون على المشتري، بدليل أن ما حدث به من عيب يستحق به المبثشري الفسخ؛ لأنه من ضمان البائع، ثم قد منعه النبي - صلى الله عليه وسلم - من طلب الربح فيه بالبيع، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث عتاب بن أسيد إلى مكة قال له: "انههم عن بيع ما لم يقبضوا وربح ما لم يضمنوا" وهذا نص، ولأنه بيع ما لم يقبضه المشتري فوجب أن لا يجوز له بيعه كالمطعوم مع مالك، والمنقول مع أبي حنيفة، ولأن ملك المبيع لا يستقر إلا بالقبض، بدليل قوله تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}، ففصل بين ما قبض فلم يوجب رده لاستقرار ملكه وبين ما لم يقبض فأوجب رده لعدم ملكه … ".
(١) أخرجه البخاري (١٤٥٨)، ومسلم (١٩) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا - رضي الله عنه - على اليمن قال: "إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا، فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها، فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس".
(٢) أخرجه الدارقطني (٥/ ٣٦٩)، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٢٥٣). وصححه الألباني في "الإرواء" (٢٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>