للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ مَبِيعٌ بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، بِدَلِيلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ سَقْيِهِ إِلَى أَنْ يُكْمِلَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ضَمَانُهُ مِنْهُ أَصْلُهُ سَائِر الْمَبِيعَاتِ الَّتِي بَقِيَ لهَا حقُّ تَوْفِيَةٍ، وَالْفَرْقُ عِنْدَهُمْ بَيْنَ هَذَا الْمَبِيعِ، وَبَيْنَ سَائِرِ الْبُيُوعِ أَنَّ هَذَا بَيْعٌ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ، وَالْمَبِيعُ لَمْ يَكْمُلْ بَعْد، فَكَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي ضَمَانِهِ مُخَالِفًا لِسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ) (١).

أراد المؤلف هنا أن يبين الفرق بين هذا البيع وبين سائر أنواع البيوع، فقد اتفقوا على أن سائر أنواع البيوع إذا اشتراها المشتري فإنها تكون في ضمانه لو تلفت بعد أن يقبضها؛ وإنما خُص هذا لوجود روابط تربطه بالبائع ألا وهو استيفاء ما تبقى من حقوق.

* قوله: (وَأَمَّا عُمْدَةُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْقَضَاءِ بِهَا: فَتَشْبِيهُ هَذَا الْبَيْعِ


(١) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢/ ١٩٤، ١٩٥) حيث قال: "وقالت طائفة من أهل العلم في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيت إن منع الله الثمرة فيم يأخذ أحدكم مال أخيه؟! " دليل واضح على أن الثمرة إذا منعت لم يستحق البائع ثمنًا؛ لأن المبتاع قد منع مما ابتاعه، قالوا: وهذا هو المفهوم من هذا الخطاب، قالوا: وحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا في الثمار أصل في نفسه مخالف لحكمه في سائر السلع يجب التسليم له".
وأضاف "الماوردي" أدلة لمن جعل الجوائح مضمونة على البائع - وهم المالكية والحنابلة - فقال: "قالوا: ولأن الثمرة لا يتم قبضها إلا بحدها من نخلها بدليل أنها لو عطشت، وأضر ذلك بها كان للمشتري الخيار في الفسخ بحدوث هذا العيب، وما حدث من العيب بعد القبض لا يستحق به المشتري الخيار، وإذا دل ذلك على أنها غير مقبوضة وجب أن تكون بالغة من مال بائعها؛ لأن ما لم يقبض مضمون على البائع دون المشتري. قالوا: ولأن قبض الثمرة ملحق بمنافع الدار المستأجرة؛ لأن العرف في الثمار أن تأخذ لقطة بعد لقطة، كما تستوفى منافع الدار مدة بعد مدة، فلما كان تلف الدار المستأجرة قبل مضي المدة مبطلًا للإجارة وإن حصل التمكين، وجب أن يكون تلف الثمرة المبيعة قبل الجداد مبطلًا للبيع وإن حصل التمكين". انظر: "الحاوي الكبير" (٥/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>