للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب المالكية والحنابلة عن هذا الدليل بما يلي:

أولًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر البائع لأنه لم يقر بذلك ولم يكن حاضرًا، فكيف يصدر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكمًا لم يحضر فيه إلا أحد طرفي القضية.

ثانيًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تألى ألا يفعل خيرًا"، وهو مطالب بأن يفعل الخير، والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا}، وقال: {وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} إذًا هو مأمور بفعل الخير.

ثالثًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح، وقال: "لا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بما يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق؟! "، ولو لم يكن ذلك واجبًا لما نفى الحل (١).

وأما الدليل العقلي: قالوا: إن سائر المبيعات إذا قبضت تكون من ضمان المشتري، فكذلك أيضًا الثمار، فلماذا استثنيت هذا على خلاف الأصل؟! (٢).


= حفظًا لمال المشتري وجهًا؛ لأنه محفوظ إن تلف في الحالين بالرجوع على البائع، فلما نهى عن البيع في الحال التي يخالف من الجائحة فيها لأن لا يأخذ مال المشتري بغير حق، علم أن الجائحة لا تكون مضمونة على البائع، وأنها مضمونة فيما صح بيعه على المشتري". انظر: "الحاوي الكبير" (٥/ ٢٠٦).
(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٨٠، ٨١) حيث قال: "ولا حجة لهم في حديثهم، فإن فعل الواجب خير، فإذا تألى أن لا يفعل الواجب، فقد تألى ألا يفعل خيرًا. فأما الإجبار، فلا يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بمجرد قول المدعي من غير إقرار من البائع، ولا حضور. ولأن التخلية ليست بقبض تام، بدليل ما لو تلفت بعطش عند بعضهم. ولا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض، بدليل المنافع في الإجارة يباح التصرف فيها، ولو تلفت كانت من ضمان المؤجر، كذلك الثمرة، فإنها في شجرها، كالمنافع قبل استيفائها، توجد حالًا فحالًا، وقياسهم يبطل بالتخلية في الإجارة … ".
(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ٢٠٧) حيث قال: "ومما يدل على ذلك أيضًا أن الثمرة تصير مقبوضة على رؤوس نخلها بالتمكين والتخلية، بدليل أن للمشتري بيعها =

<<  <  ج: ص:  >  >>