للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثمر الواحد يختلف نوعه - وقد سبق ذكر ذلك تفصيلًا - فالنخل نفسه ليس على نسق واحد؛ بل هو أنواع مختلفة، فمنه ما هو غالي القيمة، ومنه ما هو قليل القيمة، ومنه ما هو متوسط، وكذلك الحال بالنسبة للفاكهة والخضروات.

وهذا الذي اختُلف فيه داخل المذهب المالكي إنما هو استحسان (١)، وهذا المذهب يدلل في الكثير من المسائل بالاستحسان (٢).

* قوله: (وَالْمَالِكِيَّةُ يَحْتَجُّونَ (٣) فِي مَصِيرِهِمْ إِلَى التَّقْدِيرِ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ؛ وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ الْقَلِيلَ فِي هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ حُكْمِ الْعَادَةِ أَنَّهُ يُخَالِفُ الْكَثِيرَ؛ إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْقَلِيلَ يَذْهَبُ مِنْ كُلِّ ثَمَرٍ).

مراده أن العادة محكمة (٤) في كثير من الأمور، والقصد بتحكيم العادة ألا تخالف نصًّا من نصوص الكتاب والسنة، ومعلوم أنَّ في القواعد


(١) "الاستحسان": هو الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي، أو هو العدول عنه بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص من كتاب أو سُنة. يُنظر: "المواففات" للشاطبي (٤/ ٢٠٦)، و "روضة الناظر" لابن قدامة (١/ ١٦٧).
(٢) تقدم في المسألة نفسها تفسيرها وتقسيمها وأنواع الثمار بالتفصيل.
(٣) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (٥/ ٢١٤) حيث قال: "ويتأكد مذهبنا بأن المشتري دخل في العادة على سقوط الثمار بعفن أو ريح أو طير، وما دخل عليه لا يسقط عنه، ويتأكد الانتقال إلى ما هو أكثر منه، والثلث معتبر في صور الوصية وغيرها فيعتبرها هنا ولأنه لا يصدق في العادة أن ثمرة فلان أجيحت إلا إذا ذهب منها ما له بال. قال اللخمي: وليس كذلك البقول لأن العادة سلامتها فيوضع الجميع وإن قل، قال: وتعليلهم الثلث بأن المشتري دخل على السقوط يلزم عليه أن يسقط مقاله فيما يهلك غالبًا كان ربعًا أو ثلثًا أو غيره، ويسقط عنه الزائد عليه، فإذا كانت العادة الربع وهلك الثلث سقط عنه نصف السدس".
(٤) يعني: أن العادة عامة كانت أو خاصة تجعل حكمًا لإثبات حكم شرعي لم ينص على خلافه بخصوصه، فلو لم يرد نص يخالفها أصلًا، أو ورد ولكن عامًا، فإن العادة تعتبر. انظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>