للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الحق لا يعتبر جائحة إذا كان قليلًا، لأنه - كما ذكرنا - لا بدَّ من ذهاب نصيب منه؛ فالطير له حق، وكذلك أيضًا الريح تسقط شيء منه، وهناك ضيف ربما يمر بهذا الحائط فيأكل منه، ومعلوم أنه يجوز أن يأكل الإنسان مما تساقط باتفاق (١)، وهناك خلاف في المعلق ما لم يكن هذا البستان مسورًا.

وما ذكره المؤلف يعتبر تقديمة لتقليل الثلث، وأن الثلث وإن لم يرد التنصيص عليه في وضع الجوائح - أي: في كونه قدرًا - لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح، وفي الحديث الآخر قال: "إن بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة فلا تأخذ من مال أخيك شيئًا، بما يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق؟! " (٢). لكنه عليه الصلاة والسلام أطلقه ولم يبين القدر.

وعندما نستقرئ أحكام الشريعة نجد بأن الثلث قد اعتُبر في مواضع كثيرة، منها:

- اعتبر في الوصية كما في حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - (٣).

- اعتبر في عطايا المريض إلى الثلث (٤).

- اعتبر في تساوي المرأة والرجل في الجراح، فإنها تساوي الرجل


(١) ويعود العمل فيها إلى العُرف، كما ذكر تاج الدين السبكي في "الأشباه والنظائر" (١/ ٥٠) حيث قال: "الرجوع إلى العادة ومن ثم مقادير الحيض وتناول الثمار الساقطة".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٩٨)، ومسلم (١٥٥٥).
(٣) أخرجه البخاري (٢٧٤٢)، ومسلم (١٦٢٨) ولفظه: "قال سعد بن أبي وقاص: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغني ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: "لا". قال: قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: "لا؛ الثلث، والثلث كثير … ".".
(٤) أخرجه مسلم (١٦٦٨) عن عمران بن حصين: "أن رجلًا أعتق ستة مملوِكين له عند موته، لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجزأهم أثلاثًا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولًا شديدًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>