للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقة أن هناك شبه اتفاق بين العلماء (١) بأن الثلث بداية الكثير؛ يعني: منه تبدأ الكثرة وما دونه قليل.

* قوله: (وَلَمْ يَضْطَرِبْ فِي أَنَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ).

أي: كأنها مرحلة متوسطة، فالثلث هو واسطة بين القليل والكثير؛ أي: أن ما قبله قليل، وما فوقه كثير، وهو من الكثير، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نصَّ عليه بقوله: "الثلث، والثلث كثير".

* قوله: (وَالْمُقَدَّرَاتُ يَعْسُرُ إِثْبَاتُهَا بِالْقِيَاسِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ) (٢).

والمقدرات - أي: الأحكام التي يراد تقريرها - يصعب أن تقدر بالقياس، فكأنه يقول: لا بد من دليل وارد في ذلك؛ لأنها مسائل موقوفة توقيفية.

* قوله: (لِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ قُلْتُ بِالْجَائِحَةِ لَقُلْتُ فِيهَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ) (٣).

قد أشرنا سابقًا إلى أنَّ الشافعية مع الحنفية في هذه المسألة، وأنهم


(١) تقدم ذكر مذهب المالكية والحنابلة …
(٢) هو مذهب الأصوليين من المالكية والشافعية والحنابلة، وخالف الحنفية فمنعوا ثبوت المقدرات بالقياس.
يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٥/ ٢٥) حيث قال: "والأثر في مثله كالخبر؛ لأنه من المقدرات فلا يدرك بالقياس".
وينظر: "الإشارة" لأبي الوليد الباجي (ص ٢٧) حيث قال: "إذا ثبت أن القياس دليل شرعي، فإنه يصح أن تثبت به الحدود والكفارات والمقدرات والأبدال".
وينظر: "المهذب" للشيرازي (ص ٩٨) حيث قال: "ويثبت بالقياس جميع الأحكام الشرعية جملها وتفصيلها وحدودها وكفاراتها ومقدراتها".
وينظر: "أصول الفقه" لابن مفلح (٣/ ١٣٤٨) حيث قال: "يجري القياس في الكفارات والحدود والأبدال والمقدرات عند أصحابنا".
(٣) قال الشافعي في "الأم" (٣/ ٥٨): "وهذا مما أستخير الله فيه، ولو صرت إلى القول به صرت إلى ما وصفت من وضع قبضة رطبًا أو بسرًا لو ذهب منه كما أصير إلى وضع كراء يوم من الدار لو انهدمت قبله، وكما أصير إلى وضع قبضة حنطة لو ابتاع رجل صاعًا فاستوفاه إلا قبضة فاستهلكه لم يلزمه ثمن ما لم يصل إليه، ولا يجوز أن يوضع عنه الكثير؛ بمعنى أنه لم يصل إليه ولا يوضع عنه القليل".

<<  <  ج: ص:  >  >>